Majmacin Fawaidi
مجمع الفوائد
Nau'ikan
قلت: وهذه الثلاث المسائل التي أراد الأكوع تقليلها كما هو المفهوم من عبارته هي أصول الإسلام وعمدة الدين كله ولم يبق إلا مسائل الفروع التي لايجوز التقليد فيها لأرباب الاجتهاد بل يجب على كل مجتهد أن يعمل بما أوصله إليه اجتهاده وأدى إليه نظره، فإذا قد وافقوا الإمام الأعظم في المسائل التي يجب فيها الوفاق ولايجوز فيها التقليد ولا الاختلاف، وقد أوضحت السبب الذي أوجب الانتساب إلى الإمام الأعظم عليه السلام في شرح الزلف ص (28) وفي الطبعة الثانيةص(46) وفي الطبعة الثالثة ص (67) كما أوضحه الإمام المنصور بالله عبدالله بن حمزة عليهما السلام في الشافي ونقلته في الجامعة المهمة ص (71)، هذا قال الأكوع: ولاشك أنهم في هذه المسألة الأخيرة قد تحجروا شيئا واسعا ولم ينظروا بعين الإنصاف، ثم استدل عليهم بقوله تعالى: ((قل اللهم مالك الملك..)) [آل عمران:26] الآية، وقوله تعالى: ((وقال لهم نبيهم إن الله قد بعث لكم طالوت ملكا.. إلى قوله: إن الله اصطفاه عليكم..)) [البقره:247] الآية. والآيتان حجتان عليه لا له فهما من الأدلة المصرحة باختصاص الله سبحانه واصطفائه لمن يشاء من عباده، وهو المعنى الذي أنكره، فنعوذ بالله من الحيرة وعمى البصيرة، واستدل أيضا برواية موضوعة غير ثابتة ولامعروفة عن أمير المؤمنين عليه السلام أنه قال: تكون شورى بين صالحي المؤمنين قال: أو معنى هذا. وأقوال أمير المؤمنين عليه السلام معلومة مرسومة وصاحب البيت أدرى بالذي فيه، ولو سلم ثبوت تلك الرواية فليس فيها حجة، إذ هو يعلم أن صالحي المؤمنين لايختارون غير سبط رسول الله وريحانته وسيد شباب أهل الجنة فهم لايعدلون عمن اختاره الله سبحانه ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، ولأمير المؤمنين من صحيح الأقوال والأفعال مالاتوازنه هذه الرواية المجهولة المصطنعة، ثم يقال: وهل عملتم معشر الجمهوريين بمقتضى ذلك وهو أن يكون الأمر شورى بين صالحي المؤمنين، كلا بل موضوع الجمهورية أن يكون بين جميع الشعب يشترك فيها الهمج الرعاع وأهل الفساد والطغيان وأرباب الجهل والسفه والفسوق والكفران فتكون الغلبة لهم بحكم الأكثرية، إذ هم الأكثر كما هو المعلوم والمشهود له بنصوص القرآن ((وأكثرهم للحق كارهون)) [الحج:70] ((وما أكثر الناس ولو حرصت بمؤمنين)) [يوسف:103] ((ولو اتبع الحق أهواءهم لفسدت السماوات والأرض)) [الحج:71] فهذا النظام المخالف لنظام الإسلام هو الذي سعى وكدح وجد واجتهد في إقامته أمثال الأكوع والشماحي، وصاروا يحاربون الإمامة التي شرعها الله سبحانه في كتابه وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وسلم، وأجمع عليها المسلمون من عصر الصحابة الراشدين إلى هذا التاريخ، الذي ظهر فيه الفساد وانتشر الكفر والإلحاد، ولقد صار جل فخرهما في موضوعاتهما بل كله بالجاهلية الجهلاء والقرون الكافرة الأولى، وهو الفخر الذي أنكرته الشريعة الإسلامية والملة المحمدية، يفتخران بسبأ وحمير وأشباه كسرى وقيصر على أهل بيت النبوة ومعدن الرسالة ومهبط الوحي، ونقول ماقال الأول: فخارنا برسول الله يكفينا.. الخ. ولله القائل:
اذا افتخرت أميتهم علينا .... بقول جريرها في الامتداح
ألستم خير من ركب المطايا .... وأندى العالمين بطون راح
أجبناهم بما قد قيل فينا .... وفي آبائنا صيد البطاح
أليس لجدكم في اللوح ذكر .... مع اسم الله لايمحوه ماحي
ومن قال الإمامة في سوانا .... كمن قال النبوة في سجاح
أي: في البطلان ومخالفة الحق.
ليس لنا فخر إلا بالله جل جلاله وبرسوله صلى الله عليه وآله وسلم وأهل بيته عليهم السلام وأصفيائه وأوليائه.
Shafi 230