مجمع الآداب في معجم الألقاب تأليف كمال الدين أبو الفضل عبد الرزاق بن أحمد المعروف بـ «ابن الفوطي الشيباني» المتوفى سنة ٧٢٣ هـ تحقيق محمد الكاظم [المجلد الأول]

Shafi da ba'a sani ba

المقدّمة بسم الله الرّحمن الرّحيم الحمد لله على ما ألهم، وله الشكر على ما أنعم، والثناء بما قدّم، والصلاة والسلام على خير خلقه، وأفضل بريّته، وخاتم رسله، مولانا ومقتدانا أبي القاسم محمّد، وعلى سائر الأنبياء والأولياء والشهداء والصالحين والصدّيقين، لا سيّما على أمل الثوّار، وإمام الأحرار وسيّد الأبرار، بقيّة الله في خلقه، وحجّته على بريّته، الذي يطهّر الله به الأرض من دنس الشّرك والنّفاق والظّلم والإرهاق، الإمام الثاني عشر المهدي المنتظر، عجّل الله فرجه، وسهّل مخرجه، وجعلنا من أنصاره وأعوانه، آمين ربّ العالمين. وبعد، فهذه مقدّمة وجيزة حول الكتاب وكاتبه وتقييمنا له، وكنّا قد عزمنا سلفا أن نؤخّر كتابتنا هذه الى آخر الكتاب وبعد الانتهاء من تنظيمه وتنضيده وتصحيحه حتى تكون أتمّ وأكمل، بيد أنّا حينما قدّمنا الكتاب برمّته للطّبع وانتهى القائمون بأمره من إنجاز نصفه وصفّ حروفه، طلب منّي بعضهم تقديم ما أردت تأخيره وتعجيل ما أردت تأجيله، فلبّيت رغبته رغم أنّ نسخة الكتاب لم تكن لديّ، فسجّلت هاهنا ما ساعدتني به الحافظة والانطباعات العامّة عن الكتاب ومؤلّفه، على أمل أن نقدّم لكم في آخر الكتاب كافّة النقاط المستخرجة من هذا الكتاب مرتّبة ومنمّقة بحسب الترتيب الزمنيّ ممّا يرتبط بالمؤلّف واسرته وتأليفه

1 / 5

ونشاطاته الفكرية والاجتماعية. المؤلّف ولا نورد هنا ما كتبه الآخرون عنه، ففي مقدّمة الدكتور مصطفى جواد والاستاذ القاسمي الكفاية فلاحظ، بل نحاول أن نقيّم شخصيّة المؤلّف حسبما لمسناه من كتابه هذا وتعرّفنا عليه بواسطة قلمه. أمّا من الناحية العلمية فهو لا يتمتّع بإتقان فنّ من فنون العلم، على الرغم من مزاولته لفنّ التاريخ والحديث والرّجال والأدب وغيرها، واشتهاره ببعضها، فهذا كتابه ينبئك بالحق عن ضعفه ووهنه في كافّة المجالات ولا ينبئك مثل خبير. وأمّا من الناحية الاجتماعية والاقتصادية، فهو من المتسكّعين على أبواب الملوك والسلاطين واللاّهثين خلف التجّار والأشراف والامراء دون أن يكون رأسا فيها، بل من المتطفّلين الذين لا يتمتّعون بإرادة حازمة ولا قرار صائب كيما يتحكّم بالظروف والأحوال والاتجاهات بدلا من تحكّمها به. وأمّا من الناحية الدينية فهو وإن كان اسما وإرثا مسلما حنبليّا، ألاّ أنّه خال من التعصّب لمذهبه، بل وحتى الالتزام بمسائل الدين وضرورات الاسلام بشكل عام ممّا أفقده الاتّزان والاعتدال والسير على اصول قويمة وآداب رشيدة وسنن منجية، فشأنه شأن الكثير من الناس وأسلافهم في السير حسب الظروف الاجتماعية في حقّها وباطلها، فكأنّ الحق بالكثرة والغلبة والتحكّم والتسلّط لا الاهتداء بسنن الأنبياء والأولياء وكتب السماء وما والاها ومخالفة البدع والأهواء مع أنّه شاهد انهيار الحكم العبّاسي الجائر الفاسد وتزلزل أرباب الثروة والمكنة وتشتّتهم ودمارهم ومجيء الحكم المغوليّ الغاشم وما جرّ ذلك من ويلات ونكبات لأرباب الدنيا وطلاّبها، مع ذلك كلّه لم يعتبر ولم يتزوّد من دنياه الفانية للدار الباقية، هذا في الجانب العمليّ، أمّا الجانب النظري فإنّه كان يعي الكثير من امور الحق والباطل، وما عليه الناس من مواصفات حسنة وسيّئة، ﴿فَلِلّهِ الْحُجَّةُ﴾

1 / 6

الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ، فوعي الانسان غالبا أكثر من عمله، بل إنّ الاهتداء النظري حتمي ولو بصورة نسبية، أمّا الاهتداء العمليّ والسلوكي اختياري ﴿إِنّا هَدَيْناهُ السَّبِيلَ إِمّا شاكِرًا وَإِمّا كَفُورًا﴾، فتبقى الجوانب النظرية ومشاهداته قابلة للمناقشة وللأخذ أو الرّدّ. الكتاب وقد جمع فيه بين معلوماته ومشاهداته الشخصية وبين ما استقاه من كتب التاريخ والحديث والرّجال ... التي كانت متوفّرة لديه بحسب شغله كمشرف على خزانة الكتب بالمستنصرية ببغداد وبالرصد بمراغة، وبحسب ارتباطاته العامّة مع العلماء والامراء ورحلاته وتنقّلاته في مدن العراق وإيران. وأغلب المترجمين هم من أعلام القرن السادس والسابع والثامن. أمّا معلوماته الشخصية فيعدّ قسما منها المنبع الوحيد أو المهم للتعرّف على أوضاع ورجال العهد الإيلخانيّ المغوليّ وخاصّة بما يرتبط بإيران والعراق، وذلك بعد سقوط الدولة العبّاسية، فالمعلومات الواردة عن نصير الدين الطوسيّ وأمثاله في هذا الكتاب في ثناياه اعتمادا واستطرادا كثيرة بحيث لو تجمع ويضمّ بعضها الى بعض تصير ترجمة وافية وموسّعة. وإذا لاحظنا عدم تعصّبه الآنف الذكر وانفتاحه على مختلف التيّارات، وجدنا للكتاب ميّزة هامّة وهي سرد الحقائق والأوضاع كما هي دون تحامل أو تعنّت. إلاّ أنّه يؤخذ عليه في معلوماته الشخصية كثرة الأوهام والتخليط والتصحيف في الأسماء والأوصاف والألقاب والنّسب ممّا يبيّن بوضوح ضعف ضبطه وعدم دقّته. وأيضا قد يورد أسماء وألقابا لا فائدة فيها سوى تكثير السّواد وتضخيم الكتاب، فبدلا من أن يكون الهدف بيان الملقّبين الموجودين والمشهورين بتلك الألقاب وذكر حياتهم حتى يتسنّى للمراجع معرفة أسمائهم وأوصافهم، صار الهدف وكأنّه زيادة الألقاب والتفنّن في اختراعها واختلافها

1 / 7

بأسباب واهية حتى لو لم يكن المترجم يعرف بذلك نفسه ولم يلقّبه أحد قطّ به. وأمّا معلوماته التي استقاها من الكتب المصنّفة فكثيرة، وفي مقدّمتها تآليف ابن أنجب وابن النجّار وابن الدبيثيّ والسمعانيّ وابن عساكر والقطيعيّ وابن الصابئ والعماد الاصبهانيّ وابن الشعّار وابن الجوزيّ وياقوت والسلفيّ، ولا يزال بعض المصادر التي ينقل عنها مفقودة أو مخطوطة لكنّها في الأغلب مطبوعة ومتوفّرة، بيد إنّ المصنّف لا يلتزم حرفيّا بنقل النّص عن تلك الكتب بل يغيّر ويبدّل دون إشارة، شأنه شأن الكثير ممّن تقدّم عليه من المؤلّفين أو تأخّر كابن كثير وغيره. أسلوب التحقيق باشرنا العمل في هذا المجال على أساس ما أنجزه المرحوم الدكتور مصطفى جواد والاستاذ القاسمي فهذّبناه وذهّبناه، فدقّقنا في كافّة التعاليق على الطبعة الاولى؛ فما وجدناه صحيحا وكاملا أو كان غير مخلّ بالتحقيق أبقيناه في محلّه ووضعناه بين قوسين إشارة الى أنّه منهما، وأضفنا من التعاليق ما رأيناه مناسبا لعمل التحقيق بالاستعانة من الكتب المطبوعة الموجودة لديّ، وحاولنا جهد الامكان ذكر مصادر الترجمة حتى للمذكورين استطرادا في هذا الكتاب، واستخرجنا كافّة الأحاديث المذكورة في الكتاب استطرادا، وعملنا للكتاب فهارس متنوّعة شاملة للأعلام والمترجمين والمدن والنّسب والكتب، فصار الفهرس مفتاحا للتطلّع على خبايا الكتاب وزواياه حسبما شاء المراجع، ورتّبنا الكتاب والفهارس حسب تسلسل التراجم وأرقامها ولم نغيّر شيئا من ترقيم الدكتور مصطفى جواد سوى ما اشتبه عليه الأمر في عزّ الدين، حيث جعل مجموعة من الملقّبين بعز الدين في آخر الملقّبين بعز الدين وفتح لهم عنوانا باسم ملحق الملقّبين بعز الدين الذين ضاعت أسماؤهم من الكتاب، بينما المصنّف لم يكن من خطّته وضع ملحق لأي باب من أبواب الكتاب ولم يفعل ذلك قطّ، بل ولم يكن بحاجة الى ذلك، إذ أنّه جعل كافّة من وجده بعد الفراغ من التصنيف في

1 / 8