209

Mujallar Muqtabas

مجلة المقتبس

Nau'ikan

الذهب والفضة
بلغ البحث والاستقراء بأرباب الإحصاءات إن صاروا يقدرون في بلاد الغرب كل دقيق وجليل من أحوال الاجتماع حتى أنك لو سألت بعضهم كم بيضة تأكل المملكة الفلانية في السنة لأجابك على سؤالك ولذلك لا نعجب إذا رأيناهم يحصون ما استخرج من الذهب والفضة. يقولون أنه لما نفد الذهب من أوربا في القرن السادس قام القوم يفتشون في مطاوي الأرض على الأفلاذ وفي معادنها على الركاز وهذا القول مما لا يعتد به كثيرًا عند أرباب التحقيق والذي تبين لديهم أن الخمسين سنة الأخيرة كان لها النصيب الأوفر من استخراج هذين الحجرين وخصوصًا السنين الخمس المتأخرة فقد استخرج من سنة ١٩٠٠ إلى سنة ١٩٠٤ زهاء ١٣ مليار فرنك من فضة وذهب سبعة منها ذهب والباقي فضة. وقد زاد استخراج الذهب في الأربع عشرة سنة الأخيرة فبعد أن كان سنة ١٨٧٠ ستمائة مليون ارتقى في السنة الماضية إلى مليار وثمانمائة وثلاثة عشر مليونًا من الفرنكات.
أما الفضة فعلى رخص أسعارها لم ينزل المستخرج منها كثيرًا فقد كان سنة ١٨٩٠، ٦٧١ مليونًا فصار سنة ٩٠٤، ٥٢٣ مليونًا هذا مع أن الريال مثلًا قد نزلت قيمته الحقيقية وهو معدن ومازال يساوي أكثر في العرف. وهكذا القول في معدني النيكل والنحاس فإن الناس يثقون بالحكومة بأخذها على علاتها وقلما ينظرون إلى المعدن وحقيقة قيمته.
هذا ما كان من أمر المستخرجات أما المضروبات فالخطب في إحصائها أسهل من ذلك فقد ضرب سنة ١٨٩٠، ٧٧٣ مليون فرنك ذهبًا فبلغ المضروب سنة ٩٠٤، ٢٠٩٥٠٠٠٠٠٠ فرنك أي أنه تضاعف وزاد على ما استخرج وذلك كل ما يضرب من النقود على اختلاف معادنها يضرب بعضه من سبائك أذيبت وحلي بطلت. وكما أخذت سبائك ودفعت إلى دور الضرب لتجعل سكة يتعامل بها فقد أخذ من الذهب سنة ١٩٠٣ للاستعمال والزينة ٣٩٥ مليونًا ومن الفضة ٣٤٥ مليون فرنك وكان للولايات المتحدة القسم الأعظم من استعمال هذين المعدنين ثم إنكلترا ثم فرنسا ثم سائر الممالك وسببه الغنى والترف وكلما غنيت أمة زاد ميلها إلى اقتناء الأواني الذهبية والفضية والحلي وضروب الزينة. هذا ما تبين للإحصائيين وهو أصح إحصاء حديث عندهم وهو يعطي فكرًا إجماليًا للمطالع لا قضية ثابتة وعددًا محددًا لا يزاد فيه ولا ينقص منه.

4 / 34