153
وصفة معينة وله وقت ومكان محدودان وتخصيص هذه الوجوه لكل ممكن إنما هو على وفق علمه ﷾ فتأثير القدرة فرع تأثير الإرادة إذ لا يوجد سبحانه شيئًا من الممكنات أو يعدمه بقدرته إلا ما أراد وجوده أو عدمه وهذا معنى قولهم ما خصصه الله بإرادته أبرزه بقدرته وتأثير الإرادة على وفق العلم أيضًا فكل ماعلم أن يكون أولايكون فذلك مراده سبحانه هذا ولاخلاف بين أهل السنة والجماعة في اعتقاد أن الكائنات من خير وشر، وإيمان وكفر، وعرفان ونكر، وغواية ورشد، بإرادة الله تعالى فلا يجري في الملك والملكوت طرفة عين ولا فلتة خاطر، ولا لفتة ناظر، إلا بمشيئته لا رادّ لقضائه ولا معقب لحكمه، (يضل من يشاء ويهدي من يشاء) لا يسأل عما يفعل والدليل على اتصافه تعالى بالإرادة أنه فاعل بالاختيار، وكل فاعل بالاختيار تجب له الإرادة، وأيضًا لو كانت أفعال العباد واقعة على خلاف مراد الله تعالى كان ذلك نقصًا في ملكه وقصورًا وعجزًا إذ العقول قاضية بأن قصور الإرادة وعدم نفوذ المشيئة من أصدق الآيات الدالة على سمات النقص والاتصاف بالعجز وهو محلل عليه تعالى ومن ثمة قالوا من ترسم للملك ثم كان لا ينفذ مراده في أهل مملكته عدٌ ضعيف المنة مضياعًا للفرصة فإن كان ذلك يزري بمن ترسم للملك فكيف يتصور في صفة ملك الملوك ورب الأرباب تعالى عن قول الظالمين علوًا كبيرًا، ويؤيد ذلك الدلائل النقلية، قال تعالى (وما تشاؤن إلا أن يشاء الله) وقال ولو شاء ربك مافعلوه) وورد (ماشاء الله كان وما لم يشأ لم يكن) ومعناه أنه لايتحقق من العبد قصد جازم متعلق بالعقل صارف للقدرة إليه إلا تبعًا لإرادة الله ﷿ ولنختم هذا الموضوع الجليل بأبيات نسبت للإمام الشافعي ﵁ لما لها من التعلق الشديد بهذا المبحث العظيم قال:
ماشئت كان وإن لم أشأ ... وماشئت أن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ماأردت ... ففي العلم يجري الفتى والمسن
على ذا مننت وهذا خذلت ... وهذا أعنت وذا لم تعن
فمنهم شقي ومنهم سعيد ... ومنهم قبيح ومنهم حسن
يتبع
الانتقاد

6 / 31