310
ماحاول ملوك تلك الأسرة تشييده من الأهرام مجاراة للسلف الصالح في الجيزة وأبي صير وصقارة فقد جاءت كلها ككهوف القرون الأولى فلا جلال لها ولاسيما للوقار عليها وقد تهدم معظمها وعن قريب لا يبقى منها إلا ذكرها في كتب الأخبار وهذا الضعف في البناء لا يؤخذ دليلًا لى تقهقر فن العمارة في مصر في عهد تلك الأسرة إنما يؤخذ دليلًا على انتشار روح الحرية الشخصية لحد محدود وبرهانًا على ضعف نفوذ الملك بحيث صار عاجزًا عن سوق الشعب لتشييد جبال الظلم والاستبداد كما تساق الأنعام للذبح وقد ذكر المؤرخ الكبير العلامة جمس هنري بريستد الذي نعتمد على مؤلفاته في معظم ما نكتب أن مصر تقدمت في عهد الأسرة الخامسة تقدما ماديًا وأديبًا وأن الصنائع والفنون ارتقت ارتقاء باهرًا كما أن الآداب نهضت نهضة شماء فألفت الكتب وصنفت الرسائل ودونت المقالات الطويلة والأبحاث العلمية الشائعة وذكر هذا المؤلف في صحيفة ١٠٧ من كتاب تاريخ مصر القديم (طبع نيويوك) إن النهضة الأدبية وإن كانت في عهد الدولة الخامسة في إبان نشأتها فقد أنجبت كتابًا وحكمًا هيهات أن يسمح الزمان بمثلهم في بدء أية نهضة في أية أمة ومن هؤلاء الحكماء بوضع الحكمة في قالب الامثال والمواعظ ولم ينقطع أحدهم للتحرير والتحبير إلا بعد أن حنكته الليالي والأيام ودربته الحوادث والتجارب وقد شاعت مؤلفاتهم وتداولتها الناس كافة وأقبلوا على حكم فتاحوتب خاصة ولا بدع إذا نالت تلك الحكم في الزمن الحاضر ما نالته في الغابر فهي من أقدم ماكتب الكاتبون وأفضل ما حبره الحكماء الخبيرون أهما قاله العلامة بريستد وقد ذكر بعد ذلك أن أسلوب التصنيف كان في ذلك العهد واحدًا وإن الألفاظ التي استعملت في الكتب قليلة محصورة واستدل بذلك على ضعف اللغة الهروغليفية في عهد الأسرة الخامسة ولكن غيره يرون غير رأيه ويقولون إن جال الشعب من العلم ومكانته من المعرفة كانتا تستلزمان البساطة في التعبير والسهولة في الإنشاء والعناية بانتقاء الألفاظ التي تقرب من ذهن عامة الناس وهذا خير من التقعر وذكر مالم يصل إليه علم المتوسطين.
حكم فتاحوتب
هذه حكم الوزير فتاحوتب وزير مصر وحاكم المدينة وقاضي القضاة في عهد الملك ايسوسي ملك الملوك وأمير الأمراء وصاحب مصر السفلى.

5 / 20