تقويم المجلة

تعتبر هذه المجلة أول عمل علمي حديث في الفقه الحنبلي سبق غيره من الأعمال في هذا المجال. وقد ساعد القاضي أحمد قاري على تأليفها وإخراجها في هذا الثوب الفقهي الجديد تكوينه العلمي ووضعه الوظيفي، ذلك أنه يعتبر من كبار فقهاء الحنفية في البلد الحرام وقد مارس المذهب الحنفي تعلماً وتدريساً فهو على معرفة وألفة تامة بالمذهب الفقهي لمجلة الأحكام العدلية العثمانية فهل هذا عليه هضم منهجها والأسلوب الذي صيغت فيه أحكام ذلك المذهب.

أما معرفته بالفقه الحنبلي فهي معرفة عميقة لأنه عايشه قضاء ولسنين عديدة فلا عجب أن تكون هذه المجلة التي نقدمها للباحثين والدارسين ثمرة تلك الروافد الصافية والملكة الفقهية الأصيلة.

إن صياغة أحكام الفقه الإسلامي في مواد محددة وعبارات بيّنة وأحكام حاسمة تمكن كافة الفئات المثقفة من قضاة ومحامين ودارسين من التعرف على أحكام الفقه الإسلامي بسهولة ويسر، وهذا هو الذي استهدفه المؤلف رحمه الله في هذه المجلة، وهو الهدف نفسه الذي استهدفته لجنة مجلة الأحكام العدلية العثمانية من قبل.

ومما يزيد في أهمية هذه المجلة في الوقت الحاضر أن يأتي هذا التنسيق والتنظيم لأحكام المذهب الحنبلي الذي حجبت ميزاته وخصائصه العلمية ردحاً طويلاً من الزمن، وشاء الله أن يستيقظ الباحثون في الوقت الحاضر فيدر كون أهميته وما اشتمل عليه من أصالة ومرونة، وهو في نفس الوقت المذهب المتبع والمعتمد قضاء وتشريعاً وتدريساً في المملكة العربية السعودية، ومما يعتبر من خصائص هذه المجلة إيجاباً أو سلباً :

أولاً: استمداد موادها من المصادر الفقهية المعتمدة عند الحنابلة المتمثلة في (شرح منتهى الإرادات) و(كشاف القناع)، ومما يحمد للمؤلف محاولته وضعها في نصها الأصلي في مصادرها ما أمكن ما دامت موفية بالغرض، وإن دقته في هذا الجانب أدت به إلى إيثار نقل عبارة أحد الكتابين على ما في الآخر إذا تميزت بالتحليل والوضوح مع اتحاد الحكم والنتيجة وقد نال كتاب شرح المنتهى الحظ الأوفر من ذلك. وأحياناً ما يضعها في عبارته و يصوغها في أسلوبه.