وَالإِحْسَانِ؟ [النحل: ٩٠] قال: والله إن له لحلاوة، وإن له لطلاوة، وإن أسلفه لمغدق، وإن أعلاه لمثمر وما هو بقول بشر.
قال ابن حجر: وكلا الأمرين مرادفًا فأمره الله تعالى بالإنصات حتى يتم جبريل الوحي، ووعده بأنه آمن من تفلته بالنسيان وغيره بقوله؟لاَ تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ؟ أي: بالقرآن قبل فراغ جبريل منه لتعجل به خوفًا من أن يتفلت منك إن علينا جمعه وأن نجمعه لك في صدرك، فتقرأه ولا يفوتك منه شيء، فإذا قرأه رسولنا جبريل عليك فاستمع قرآنه أي: فاستمع وأنصت؟إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ؟ أي: ثم إن علينا أن تقرأه مرة أخرى.
وفي صحيح مسلم: «علينا أن نبينه بلسانك» (١)، وقيل المعنى: علينا أن نحفظك، وقيل المعنى: علينا أن نبين لك ما فيه من حلال وحرام، فكان رسول الله ﷺ بعد ذلك إذا أتاه جبريل استمع فإذا انطلق قرأه النبي ﷺ مثل ما قرأه جبريل ﵇.
قول ابن عباس: «فأنا أحركهما لك كما كان رسول الله ﷺ يحركها» (٢) استشكل به العلماء من جهة أنه لما كان رسول الله ﷺ يحرك شفتيه لم يره ابن عباس على تلك الحالة إذ لم يكن إذ ذاك ولد، لأن مولده قبل الهجرة بثلاث سنين أو أقل، وقضية تحريك الشفتين كانت قبل ذلك في أول البعثة.
وأجابوا عنه بأنه يحتمل أن يكون النبي ﷺ أخبره بذلك بعد، أو بعض الصحابة أخبره أن شاهد النبي ﷺ يفعل ذلك.
قال ابن حجر: والأول هو الصواب لثبوتها في خبر.
(١) انظر صحيح مسلم (١/٣٣٠، رقم ٤٤٨) في روايته لهذا الحديث عن سعيد بن جبير عن بن عباس ... به.
(٢) قال ابن حجر (١/٨٤) في هذه المسأله: قوله: «فقال ابن عباس فأنا أحركهما» جملة معترضة بالفاء، وفائدة هذا زيادة البيان في الوصف على القول، وعبر في الأول بقوله: «كان يحركهما»، وفي الثاني برأيت، لأن ابن عباس لم ير النبي ﷺ في تلك الحالة، لأن سورة القيامة مكية باتفاق، بل الظاهر أن نزول هذه الآيات كان في أول الأمر، وإلي هذا جنح البخاري في إيراده هذا الحديث في بدء الوحي، ولم يكن ابن عباس إذ ذاك ولد، لأنه ولد قبل الهجرة بثلاث سنين، لكن يجوز أن يكون النبي ﷺ أخبره بذلك بعد، أو بعض الصحابة أخبره أنه شاهد النبي ﷺ الأول هو الصواب.
فقد ثبت ذلك صريحًا في مسند أبي داود الطيالسي قال: حدثنا أبو عوانة بسنده، وأما سعيد بن جبير فرأى ذلك من ابن عباس بلا نزاع.