لُزُومُ المسجِد للتَّفَرُّغِ لطاعةِ الله ﷿ وهو من السنن الثابتة بكتاب الله وسنةِ رسولِه ﷺ، قال الله ﷿: ﴿وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ﴾ [البقرة: ١٨٧]. وقد اعتكفَ النبيُّ ﷺ واعتَكَفَ أصحابُه معه وبعْدَه، فَعَنْ أبي سعيدٍ الخدريِّ ﵁ أنَّ النبيَّ ﷺ اعتَكَفَ العشرَ الأوَّلَ من رمضانَ ثم اعتكف العشر الأوسْط ثم قال: «إني اعتكِفُ العشرَ الأوَّل الْتَمِسُ هذه الليلةَ، ثم أعْتكِفُ العشرَ الأوسطَ، ثم أُتِيْتُ فقيل لي: إنها في العشرِ الأواخرِ، فمن أحبَّ منكم أنْ يعتكِفَ فَلْيَعْتكفْ» (الحديث) رواه مسلم.
وفي الصحيحين عن عائشةَ ﵂ قالتْ: كان النبي ﷺ يعتكفُ العشرَ الأواخرِ مِنْ رمضانَ حتى توفاه الله ﷿. ثم اعتكف أزواجُه مِن بعدِه. وفي صحيح البخاريِّ عنها أيضًا قالت: كان النبيُّ ﷺ يعتكفُ في كلِّ رمضانَ عشرةَ أيامٍ. فلما كان العامُ الذي قُبِضَ فيه اعتكفَ عشرين يومًا، وعن أنس ﵁ قال: كان النبيُّ ﷺ يعتكِف العشرَ الأواخرَ مِن رمضانَ، فلم يعتكفْ عامًا، فلما كان العامُ المقبلُ اعتكفَ عشرينَ، رواه أحمد والترمذي وصححه. وعن عائشة ﵂ قالت: كان النبيُّ ﷺ إذا أرادَ أن يعتكفَ صلَّى الفجرَ ثم دخل مَعْتَكَفَهُ فاستأذنَته عائشةُ، فإذِنَ لها، فضربتْ لها خِبَاءً، وسألت حفصة عائشةَ أنْ تستأذن لها، ففعلتْ، فضربتْ خِبَاءً، فلما رأتْ ذلك زينبُ أمَرَتْ بخباءٍ فضُرِبَ لها، فلما رأى النبيُّ ﷺ الأخْبِيَة قال: «ما هَذا؟» قالوا: بناءُ عائشةَ وحفصةَ وزينبَ. قال النبيُّ ﷺ: «آلبِرَّ أردْنَ بِهذا؟ انْزعُوها فلا أراها».