٣٧- مجلس أبي الحسن الأخفش مع أبي عثمان المازني
قال أبو يعلى بن أبي زرعة: حدثني أبو عثمان قال: سألت الأخفش عن: أي من تضرب أضرب. أستفهم بأي وأجازي بمن؟ فقال: لا، لأن الاستفهام إنما يضاف إلى شيءٍ معلوم هو بعضه، فيكون أي مخصوصا، فإذا أضفته ومن شائعٌ كان البعض شائعا، وليس ذا حد الاستفهام.
قال أبو عثمان: والحجة عندي أن أيا استفهم به وفيه معنى الجزاء وكذا كل حروف الاستفهام يستفهم بها وفيها معنى الجزاء، فلو أضفته على هذه الهيئة لكنت مستفهما به وفيه معنى الجزاء، كان محالا، لأن من جزاء، وفي أي معنى جزاءٍ، فلا يجتمع حرفا جزاء فتصير من حينئذ خبرا، فيكون ما بعده صلة فيبطل الجزاء. فإن قيل: أثبت معنى الجزاء في من واخلع معنى الجزاء في أي؛ لأن المضاف إليه يحدث في المضاف معنى الجزاء، نحو غلام من هو؟ من المحدث في غلامٍ معنى الجزاء. قلت: متى خلعت منه معنى الجزاء خلعت منه معنى الاستفهام، لأنه كذا وقع مستفهما به مجازى به، فيصير حينئذ خبرا، فيكون ما بعده صلة له.
قال أبو عثمان: وسألته فقلت: أي من يأتينا، يكون أي خبرا ومن مستفهم [به]، كما كان ذلك في قولك غلام من؟ فقال: الجواب في هذا أن تقول: لما كان أي مفردا غير مستقلٍ والغلام مفردا مستقلا بنفسه، كان مضافا مثله مفردا يحتاج في الإضافة إلى صلةٍ مثل حاجته إلى الصلة في الإفراد، ولما كان الغلام مفردا لا يحتاج إلى الصلة، لم يحتج في الإضافة إلى الصلة. وأنشد:
1 / 64