فقال المأمون: قبح الله من لا أدب له!! وأطرق مليا ثم قال: ما مالك يا نضر؟ قلت: أريضة لي بمرو أتصابها وأتمززها، قال: أفلا نفيدك مالا؟ قلت: إني إلى ذلك لمحتاج، قال: فأخذ القرطاس وأنا لا أدري ما يكتب، ثم قال: كيف تقول إذا أمرت أن يترب الكتاب؟ قلت: أتربه، قال: فهو ماذا؟ قلت: مترب، قال: فمن الطين؟ قلت: طنه، قال: فهو ماذا؟ قلت: مطين، قال: هذه أحسن من الأولى، ثم قال: يا غلام أتربه وطنه.
ثم صلى بنا العشاء وقال لخادمه: تبلغ معه إلى الفضل بن سهل. قال -يعني- فأتيته فلما قرأ الكتاب قال: يا نضر إن أمير المؤمنين قد أمر لك بخمسين ألف درهم، فما كان السبب فيه؟ فأخبرته ولم أكذبه، فقال: ألحنت أمير المؤمنين! فقلت: كلا، إنما لحن هشيم، وكان لحانة، فتبع أمير المؤمنين لفظه وقد تتبع ألفاظ الفقهاء ورواة الآثار. ثم أمر لي الفضل بثلاثين ألف درهم، فأخذت ثمانين ألف درهم بحرف أستفيد مني.
هذه القصة رواها مطولة الإمام أبو أحمد الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري اللغوي في كتابه ((الحكم والأمثال)) كما رويناه من طريقه، لكن في كتاب ((الحكم)) رواه أيضا من طريق أخرى فقال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي يحيى، حدثنا إبراهيم بن ناصح، حدثنا النضر ابن شميل.
وكأن الحريري الذي روينا القصة من طريقه اختصر هذه الطريق واقتصر على رواية العسكري عن أبيه.
Shafi 96