بالجنة؟ "، قال: "نعم"، قال: "فلا تفعل؟ فإني أخاف أن يتكل الناس عليها فخلّهم يعملون"، فقال رسول الله ﷺ: "فخلّهم" ١.
وعن الأعمش٢ عن أبي صالح٣ عن أبي سعيد٤ أو عن أبي هريرة ﵄ شك الأعمش. قال: "لما كان في غزوة تبوك٥، أصاب الناس مجاعة، فقالوا يا رسول الله لو أذنت فذبحنا نواضحنا٦ فأكلنا وادّهنّا، فقال لهم رسول الله: "افعلوا"، فجاء عمر فقال: "يا رسول الله إنهم إن فعلوا قل الظهر، ولكن ادعهم فيأتوا بفضل أوزادهم، ثم ادع لهم عليه بالبركة، فلعل الله عزوجل أن يجعل في ذلك"٧، فدعا رسول الله ﷺ بنطع٨ فبسطه ثم دعاهم بفضل أزوادهم، فجعل الرجل يجيء بكف الذرة، والآخر بكف التمر، والآخر بالكسرة، حتى اجتمع من ذلك على النطع شيء يسير٩. ثم دعا النبي ﷺ بالبركة ثم قال: "خذوا
١ مسلم: الصّحيح، كتاب الإيمان ١/٥٩، رقم: ٣١.
٢ سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي، الكوفي، ثقة حافظ عارف بالقراءات ورع لكنه يدلس، توفي سنة سبع وأربعين ومئة. (التقريب ص ٥٤) .
٣ ذكوان، أبو صالح السمان الزيات، المدني، ثقة ثبت، توفي سنة إحدى ومئة. (تهذيب التهذيب ٣/١٨٩-١٩٠، التقريب ص ٢٠٣) .
٤ سعد بن مالك الخدري.
٥ تبوك: موضع بين وادي القرى والشام، خرج إليها النبي ﷺ في سنة تسع للهجرة، وهي آخر غزواته، وتبوك الآن مدينة كبيرة وهي قاعدة شمال غرب المملكة العربيّة السّعوديّة، وتبعد عن المدينة حوالي سبع مئة كيل. (معجم البلدان ٢/١٤، شمال غرب المملكة ١/٣٤٩) .
٦ النواضح من الإبل التي يستقى عليها الماء، والأنثى بالهاء: ناضحة. (لسان العرب ٢/٦١٩) .
٧ في محذوف تقديره: "يجعل في ذلك بركة أو خيرًا"، فحذف المفعول به لأنه فضلة. (شرح النووي ١/٢٢٥) .
٨ النطع: بالكسر وبالفتح وبالتحريك، وكعِنَب: بساطٌ من الأديم. (القاموس ص٩٩١) .
٩ في الأصل: (شيئًا يسيرًا)، وهو سهو من المؤلف، لأنه فاعل والفاعل مرفوع، ويسير صفة لشيء.