يفترون ) [الأنعام : 138] ثم قال : ( وقالوا ما في بطون هذه الأنعام خالصة ... ) [الأنعام : 139] الآية ، فنبه على فساده بقوله : ( سيجزيهم وصفهم ) [الأنعام : 139] ، زيادة على ذلك. وقال تعالى : ( وقال الذين كفروا إن هذا إلا إفك افتراه وأعانه عليه قوم آخرون ) [الفرقان : 4] ، فرد عليهم بقوله : ( فقد جاؤ ظلما وزورا ) [الفرقان : 4] ، ثم قال : ( وقالوا أساطير الأولين ... ) [الفرقان : 5 6] الآية. فرد بقوله : ( قل أنزله الذي يعلم السر ... ) [الفرقان : 5 6] ، الآية. ثم قال : ( وقال الظالمون إن تتبعون إلا رجلا مسحورا ) [الفرقان : 8] ، ثم قال تعالى : ( انظر كيف ضربوا لك الأمثال فضلوا ) [الفرقان : 9] ، وقال تعالى : ( وقال الكافرون هذا ساحر كذاب أجعل الآلهة إلها واحدا ) إلى قوله : ( أأنزل عليه الذكر من بيننا ) ثم رد عليهم بقوله : ( بل هم في شك من ذكري ) [ص : 4 8] ، إلى آخر ما هنالك. وقال : ( وقالوا اتخذ الله ولدا ) [البقرة : 116] ، ثم رد عليهم بأوجه كثيرة ثبتت في أثناء القرآن كقوله : ( بل عباد مكرمون ) [الأنبياء : 26] ، وقوله : ( بل له ما في السماوات والأرض ) [يونس : 68] وقوله : ( سبحانه هو الغني ... ) [يونس : 68] الآية ، وقوله : ( تكاد السماوات يتفطرن منه وتنشق الأرض ) [يونس : 68] ، إلى آخره وأشباه ذلك.
ومن قرأ القرآن وأحضره في ذهنه عرف هذا بيسر.
وأما الثاني فظاهر أيضا. ولكن الدليل على صحته من نفس الحكاية وإقرارها ، فإن القرآن سمي فرقانا وهدى وبرهانا وبيانا وتبيانا لكل شيء ، وهو حجة الله على الخلق ، على الجملة والتفصيل ، والإطلاق والعموم. وهذا المعنى يأبى أن يحكى فيه ما ليس بحق ، ثم لا ينبه عليه.
وأيضا فإن جميع ما يحكى فيه من شرائع الأولين وأحكامهم ولم ينبه على إفسادهم وافترائهم فيه ، فهو حق يجعل عمدة ، عند طائفة ، في شريعتنا. ويمنعه قوم ، لا من جهة قدح فيه ، ولكن من جهة أمر خارج عن ذلك ، فقد اتفقوا على أنه حق وصدق كشريعتنا. ولا يفترق ما بينهما إلا بحكم النسخ فقط ، ولو نبه على أمر فيه لكان في حكم التنبيه على الأول ، كقوله تعالى : ( وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه ) [البقرة : 75] الآية ، وقوله : ( يحرفون الكلم من بعد مواضعه يقولون إن أوتيتم هذا فخذوه ... ) [المائدة : 41] الآية ، وكذلك قوله تعالى : ( من الذين هادوا يحرفون الكلم عن مواضعه ويقولون سمعنا وعصينا واسمع غير مسمع وراعنا ليا بألسنتهم وطعنا في الدين ) [النساء : 46] ،
Shafi 71