257

يكادون يبرزون المفعول إلا في الشيء المستغرب كنحو قوله : فلو شئت أن أبكي دما لبكيته ، وقوله تعالى : ( لو أردنا أن نتخذ لهوا لاتخذناه من لدنا ) [الأنبياء : 17]. ( إن الله على كل شيء قدير ) تعليل للشرطية ، وتقرير لمضمونها الناطق بقدرته تعالى على إزالة مشاعرهم بالطريق البرهاني.

** تنبيهات :

الأول : محصول التمثيلين غب وصف أربابهما بوقوعهم في ضلالتهم التي استبدلوها بالهدى هو أنه شبه ، في الأول ، حيرتهم وشدة الأمر عليهم بما يكابد من طفئت ناره بعد إيقادها في ظلمة الليل. وفي الثاني : شبه حالهم بحال من أخذتهم السماء في ليلة تكاثف ظلماتها بتراكم السحب ، وانتساج قطراتها ، وتواتر فيها الرعود الهائلة ، والبروف المخيفة ، والصواعق المختلفة المهلكة ، وهم في أثناء ذلك يزاولون غمرات الموت. وبذلك يعلم أن التمثيلين جميعا من جملة التمثيلات المركبة ، وهو الذي تقتضيه جزالة المعاني لأنه يحصل في النفس من تشبيه الهيئات المركبة ما لا يحصل من تشبيه مفرداتها. فإنك إذا تصورت حال من طفئت ناره بعد إيقادها .... إلخ. وحال من أخذتهم السماء ... إلخ. حصل في نفسك هيئة عجيبة توصلك إلى معرفة حال المنافقين ، على وجه يتقاصر عنه تشبيه المنافق في التمثيل الأول بالمستوقد نارا ، وإظهاره الإيمان بالإضاءة ، وانقطاع انتفاعه بانتفاء النار وتشبيه دين الإسلام في الثاني بالصيب ، وما يتعلق به من شبه الكفار بالظلمات ، وما فيه من الوعد والوعيد بالرعد والبرق ، وما يصيب الكفرة من الإفزاع والبلايا والفتن من جهة أهل الإسلام بالصواعق. وأيضا في تشبيه المفردات ، وطي ذكر المشبهات تكلف ظاهر. وأيضا في لفظ (المثل) نوع إنباء عن التركيب ، إذ المتبادر منه القصة التي هي في غرابتها كالمثل السائر ، وهي في الهيئة المركبة دون كل واحد من مفرداتها. وأيضا في التمثيل المركب اشتمال على التشبيه في المفردات إجمالا ، مع أمر زائد : هو تشبيه الهيئة بالهيئة ، وإيذانه بأن اجتماع تلك المفردات مستتبع لهيئة عجيبة حقيقة بأن تكون مثلا في الغرابة.

التنبيه الثاني :

قال الإمام العلامة «ابن القيم» في كتابه (اجتماع الجيوش الإسلامية على غزو المعطلة والجهمية)

«في هذه الآية ، شبه ، سبحانه ، أعداءه المنافقين ، بقوم أوقدوا نارا لتضيء لهم ،

Shafi 260