============================================================
تفير سورة البقرة /397 والأولياء - عليهم اللام - بالخبر القولي لا بالمعجز الفعلي؛ فالمعجزة إنما كانت آية دالة على لا صدق المتنبئ؛ لأنها نزلت منزلة التصديق بالقول؛ وإذا كان التصديق بالقول حاصلا حقيقة فكيف يحتاج إلى ما نزل منزلته في الدلالة؟! وإنما طلب المعجزة من طلب لأحد أمرين: أحدهما: ليعاند المحق في دعواه، كقولهم: (لن نؤمن لك حتى تفجر لتا من الأرض يتبوعا) وأمثالها.
والثانى: لآنه لم يصدق السابق الصادق وجوز خلو الزمان من الصادقين؛ ومن اعترف بان الصادق الأول وهو آدم -عليه السلام - ثبت صدقه وبشر بمن بعده على لسانه ولسان من أوصى إليه؛ وكذلك كل نص بعد نص وصادق بعد صادق كان مصدقا لمن يأتي بعده؛ فقد استغني عن طلب دليل آخر يدل على صدقه.
فإن قيل: هذا علم لم يعرفه كل أحد ولم يسمع منه [أنه] صدق من يأتي بعده، قيل: وهو تقدير محال؛ فإن كل صادق فهو مبعوت بذلك، وهو إذا ترك ما بعث لأجله لم يفعل شيئا، لذلك قال الله تعالى: (يا أيها الرشول بلغ ما أنزل إليك من ربك وإن لم تفعل فما بلغت رسالته). فنادى الناس -138آ جامعة، وبلغ؛ وأشهد الله على ما بلغ؛ وهب أنه لم يسمع منه التصديق كل أحد، فكذلك المعجزة لايراها كل أحد على أصلك؛ فيجب أن يكون له مع كل مستجيب با يته معجزة يظهرها له؛ وإن قلت: إذا ثبت صدقه بالمعجزة عند قوم يثبت في حق الباقين، فقل في التصديق بالقول كذلك.
وسر آخر: أمرهم في هذه الآية بشيء ونهاهم عن شيء، وما أمرهم به ضمته علته، وما نهاهم عنه ضمنه علته، أمرهم بالإيمان بما أنزل من القرآن وبين علة وجوب الإيمان به: إذ قال: (مصدقأ لما معكم) أي لأنه مصدق لما معكم وجب عليكم الإيمان به والتصديق اياه، ونهاهم عن الكفر به وعقبه بعلة الكفر بقوله: (ولاتشتروا بآياتي تمنا قليلا) أي لاشترائكم ثمنا قليلا من الجاه والمال كفرتم، ومن أمر بشيء ونهى عن شيء وذكر العلة في المامور به والمنهيم عنه فهو "طبيب دوار بدوائه، قد احكم مراهمه واحمى مواسمه، يضع ذلك حيث الحاجة إليه من قلوب عمى واذان صم والسنة بكم، متتبع بدوائه مواضع الغفلة ومواطن الحيرة، [ومن] لم يستضينوا بأضواء الحكمة ولم بقدحوا بزناد العلوم الناقبة فهم ليتهنل
Shafi 383