وفي مطلع هذا القرن كان الجزار لن يزال مرهقا اللبنانيين ومن يجاورهم بتحامله، إلى أن توفي في 16 حزيران سنة 1804م فسكنت الاضطرابات.
وفي سنة 1805م وزع الأمير بشير الشهابي مائة وخمسين ألف غرش على لبنان؛ ليسدد ما بقي عليه لسليمان باشا والي عكاء، فعصى بنو حاطوم الدروز في كفر سلوان ولم يدفعوا هذا المرتب، فصادرهم ومنعهم عن التردد إلى زحلة. فشعر الزحليون بخفة وطأتهم ومالوا إلى الأمير بشير.
وفي سنة 1807م توسط الأمير بشير الشهابي عند يوسف باشا كنج الكردي والي الشام أمر الأمير جهجاه الحرفوشي لحكم بعلبك، وكان الحرفوشي قد علم أن الأمير بشيرا يرغب في امتلاك الكرك قرب زحلة، فكتب له بها وثيقة باسم أولاده الأمراء قاسم وخليل وأمين فصارت ملكهم. ومن أسماء بعضها إلى يومنا «الشهابية»، وهنأه بذلك نقولا الترك من قصيدة:
كما كرك البلاد بك استجارت
فعزت وازدهت بعد الإهانة
وقد جاءت براءتها تنادي
جهارا أنها لك مالكانه
وفيها وزع الأمير ثلاثمائة ألف غرش على ساحل بيروت وزحلة وإقليم الخروب، فدفع الزحليون ما عليهم مقابلة لما صنعه معهم الأمير، فازداد بهم تعلقا ومال إلى موالاتهم بعد أن كان يناصبهم العداء فنال شيوخ زحلة لديه منزلة كبيرة، ونفذت كلمتهم وتقووا على مناوئيهم، وبدأت حياتهم الاستقلالية من هذا الحين تنمو فيهم، وصار وكيل الأمير بشير يصرف أوقاته في زحلة لإدارة الكرك.
وسنة 1808م التجأ إلى زحلة المعلم عبود بن مخايل البحري الحمصي الخطاط الشهير فارا من وجه يوسف آغا الكنج الكردي والي الشام الذي تغير عليه وكان صاحب ديوانه. فأقام عبود في زحلة مكرما، ومنها كتب إلى الأمير بشير وأخبره عن هربه والتمس منه استجلاب أسرته وأخوته وختم عريضته بقوله:
وكنت أطالب الدنيا بوقت
Shafi da ba'a sani ba