وفوق كل ذلك تطرقوا إلى القول بأن نوحا أول ما غرس الكرمة في قرية صيدنايا؛ ولذلك كثرت الكروم في سفوح الجبلين الشرقي والغربي. ومن أدلتهم على الطوفان في هذه الجهة أن البقاع ومعظم بلاد بعلبك مستنقعات، عرفت قديما باسم عميق لكثرة سباخها، وسماها أبو الفداء بحيرة عميق. ولن يزال هذا الاسم في بقعة خاصة جففت مؤخرا باسم عميق.
14
واستطرد إلى أن قلعة بعلبك هي برج بابل، وأن فيها مقام إبراهيم الخليل ودير إلياس النبي، وأنه في هذه الجهة ذبح كهنة البعل.
15
وأن اسم الشام نسبة إلى سام بن نوح، وكذلك قرية حام
16
منسوبة إلى ابنه حام. وأن التلال التي في هذا السهل كانت لبناء القرى عليها بعد حدوث الطوفان؛ تخلصا من أبخرة المستنقعات وغمق المياه. وأن عين البقر
17
فوق زحلة في الكروم تذكار البقر التي كان آدم يحرث عليها، وكانت تربى فيها إلى غير ذلك من التخرصات والأوهام.
ولا خفاء أن أقدم من سكن هذه الجهات هم الآراميون المنتسبون إلى آرام بن سام بن نوح، وبقيت سلائلهم ردحا طويلا مستعمرة هذه السهول الخصيبة، قاطنة سفوحها الكثيرة ورباها البديعة وجبالها الظليلة، فنشروا فيها عباداتهم الوثنية التي عمت جميع أقطار سورية ومصر وما يجاورهما. ويقال إن أول معبود وثني أقامه الأشوريون تمثال الجبار نمرود على الأرجح، وكان اسمه الباعل أو البعل أو البعليم ومعناه الرب أو المتسلط، وعرف باسم المشتري «جوبيتر» والشمس، فشاعت عبادته وأقيم له أعظم هيكل في مدينة بعلبك، لن تزال أطلاله أفخم الآثار القديمة وأضخمها وأتقنها صنعة وأدقها نقشا، وكان ذلك بعد الطوفان بنحو ثلاثمائة سنة. ومصغرات ذلك الهيكل هي في جوار زحلة في قرية حوشبيه
Shafi da ba'a sani ba