Madina Fadila
المدينة الفاضلة عند فلاسفة القرن الثامن عشر
Nau'ikan
ننتقل من كتابي مابلي وهيوم لثلاثة كتب أخرى، عالمية النطاق، أو على الأقل دوليته؛ هذه هي مصنفات رينال وفولتير ومنتسكييه، فأما مصنف رينال - التاريخ الفلسفي والسياسي للهند والهند الشرقية،
52
فعلى الرغم من أن أغلبه من نسج الخيال، فإنه لا يمكننا إغفاله لشدة ما لقي من إقبال؛ نقح ثلاث مرات وطبع أربعا وخمسين مرة قبل نهاية القرن الثامن عشر،
53
وحق لهوراس والبول أن يسميه «إنجيل العالمين»، والقول فيه إغراق، ولكن نغفره لهوراس والبول،
54
فقد كان يضطر إلى الإغراق ليرسل الجملة الوجيزة المحكمة أو النكتة، ومهما يكن فقد رحب الجمهور بالكتاب؛ إذ وجد فيه خلاصة ما كتبه الرحالة عن «الصينيين الحكماء» «والمتوحشين الطيبين» في القالب الخليق بالفلاسفة، وكأن رينال استصحب قارئيه في رحلة كبرى حول العالم، وتركهم أحرارا في الانضمام إليها أو مغادرتها أينما شاءوا، واخترق بهم بلاد الشعوب غير المسيحية، ولفت نظرهم - كما يلفت مرشد كوك الكفء نظر الصحب - إلى ما هو جدير بالإعجاب من عادات الناس في تلك الأقاليم، وإلى ما جلبه عليهم المتغلبون المسيحيون من مفاسد وبؤس، وهذا كله خليق بالفيلسوف أن يثبته ويأسف له، كان قصد رينال إذن، أن يثبت على الحضارة المسيحية الأوروبية أنها وليدة الصناعة لا الطبيعة؛ وذلك بمقارنتها بالفضائل الطبيعية التي كانت لدى الأقوام السذج، فشارك في قصده هذا أو في شيء منه كتابا آخرين، منتسكييه مثلا في «الرسائل الفارسية»، وبين الرجلين فرق، فلا يبلغ رينال مبلغ منتسكييه من دقة النظر وإحكام الصناعة، ولكن كتاب رينال في نوعه كان أوفى بحاجات القراء المتوسطين؛ ولذا كان بلا شك أكبر هذا النوع من الكتب تأثيرا.
هذا؛ وليس ما يدعو للإسهاب في وصف مصنف فولتير الجليل «مقال في السنن والآداب والعادات»
55
وهو كتاب في التاريخ العام، يتناوله منذ أقدم ما عرف من الأزمنة، ويقصد إلى إيضاح «مغزى» للتاريخ من نوع ما فعل ويلز في زماننا في كتاب «المجمل في التاريخ»،
Shafi da ba'a sani ba