Birnin Fadila A Tsawon Tarihi
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Nau'ikan
وإذا كان ليكورجوس لم يؤيد الحب كما نفهمه بين الرجال والنساء، فقد بذل جهودا كبيرة لكي يجعل النساء جذابات للرجال من الناحية الجنسية، وقام بتنظيم حفلات راقصة عامة وتمرينات رياضية أخرى لشابات عاريات في حضور الشباب، لا لكي ينزع عن الجنس ما يكتنفه من الحنان والحساسية فحسب - وهو الأمر الذي يرتبط بخصوصية الحياة الزوجية - بل كذلك لأن هذه التدريبات كانت حافزا على الإقبال على الزواج. وإذا أخفق هذا في إحداث التأثير المرغوب في شباب أسبرطة، وأصروا على رفضهم للزواج، «فإن وصمات العار توضع على ظهورهم، ولا يسمح لهم بمشاهدة تدريبات العذارى العاريات، ويأمرهم القضاء بالمضي في الشتاء عراة حول الأسواق، وهم يغنون أغنية تعبر عن العقاب العادل الذي تلقوه جزاء عصيانهم للقوانين.»
لم يترك ليكورجوس، حتى بعد إتمام الزواج ، الاتصال الجنسي بين الأزواج يسير في مجراه الطبيعي، وإنما خطط له قواعد مدروسة: «ومن عاداتهم في الزواج أن يستولي العريس على عروسه بالعنف، ولا يتم اختيار العروس من بين صغيرات السن، بل بعد أن تكون قد بلغت سن النضج، ومن ثم تأتي المرأة التي تدبر شئون الزواج، وتقص شعر العروس حتى الجلد، وتلبسها ملابس الرجال وترقدها على الفراش وتتركها في الظلام. ويأتي العريس، الذي لم يذهب النبيذ بعقله، ولا أوهنت قواه حياة الرفاهية؛ لأنه واظب على تناول عشائه على المأدبة العامة، فيمضي في السر إلى عروسه ويفك الأحزمة التي لفت حولها ويحملها إلى فراش آخر. وبعد أن يمكث هناك وقتا قصيرا، يعود لمسكنه المعتاد لينام مع بقية الشباب، ويقضي يومه مع رفاقه، ويستريح معهم في أثناء الليل، ويزور عروسه في حذر شديد حتى لا تكتشف العائلة وجوده، وفي الوقت نفسه تمارس العروس كل ما لديها من حيلة لإيجاد الفرص الملائمة للقاءاتهما الحميمة، ولم يكن هذا يتم في فترة قصيرة فحسب، بل كان بعضهم ينجب أطفالا قبل أن يلتقوا بزوجاتهم في وضح النهار، ولم يكن هذا النوع من الاتصال الجنسي مجرد تدريب على الاعتدال والعفة فقط، وإنما كان يحافظ على نضارة أجسامهم ويساعد على ألا تنطفئ حرارة حبهم الأولى أو تخمد، ولأنهم لم يشبعوا رغباتهم مثل أولئك الذين يمكثون بصفة دائمة مع زوجاتهم، فقد كانت رغباتهم تظل متأججة ومتوهجة.»
هكذا نرى أن ليكورجوس قد اهتم بتنظيم إجراءات الزواج أكثر من اهتمامه باختيار الزوجين، فقد سمح لمواطنيه، على خلاف أفلاطون، في نطاق محدود باتخاذ قراراتهم بخصوص من يريدون أن ينجبوا منه أطفالا أصحاء على قدر من الجمال، وإذا تبين لهم أنهم ارتكبوا أي خطأ، فإن هذا الخطأ يمكن تصحيحه دائما؛ لأنه لا تترك للأب حرية تربية أي أطفال كما يريد، وإنما يلزم بحمل الطفل إلى مكان يدعى ليسكيه
Lesche ، لفحصه من قبل شيوخ القبيلة الذين يجتمعون هناك، فإذا كان الطفل قويا ومتجانس الأعضاء، يعطون الأوامر بتعليمه، ويحددون له قطعة من التسعة آلاف قطعة من الأرض الزراعية، أما إذا كان ضعيفا ومشوها، فيأمرون بأن يلقى به في مكان يدعى أبوثيتات
Apothetate ، وهو كهف عميق قريب من جبل تايجيتوس
Taygetus ؛ الأمر الذي يفهم منه أن حياته لن تكون نافعة له ولا للمصلحة العامة، ما دامت الطبيعة لم تمنحه منذ البداية القوة أو سلامة البنية.
ولم يكن للآباء، بطبيعة الحال، حرية تعليم أطفالهم كما يشاءون.
وما إن يبلغوا السابعة من العمر، حتى يأمر ليكورجوس بأن يسجلوا في مجموعات، حيث يخضعون جميعا لنفس النظام، ويمارسون التمرينات وألوان التسلية معا. ومن يفق زملاءه في الشجاعة والانضباط، يعين قائدا للمجموعة، ويتمثل به الباقون، ويطيعون أوامره، ويتحملون بصبر العقوبات التي ينزلها بهم، مما جعل نظامهم التربوي كله تمرينا على الطاعة. ويقوم كبار السن الموجودون معهم بتحين الفرص لإثارة الجدال أو الشجار بينهم، لكي يتسنى لهم أن يلاحظوا بدقة روح كل منهم، وثباته في النزال.
أما عن التعليم فلا ينالون منه إلا ما تدعو إليه الضرورة المطلقة. فقد هيئ نظام تعليمهم كله لإخضاعهم للأوامر، وتحمل المشاق، والقتال والغزو. ولهذا كان يزداد انضباطهم كلما تقدموا في العمر، فيقصون شعورهم تماما، ويمشون حفاة الأقدام، ويلعبون في أغلب الأحيان وهم عراة تماما. وتنزع ملابسهم الداخلية في سن الثانية عشرة، ويسمح لهم طوال العام برداء واحد، ولذلك كان من الطبيعي أن تبدو عليهم القذارة؛ إذ كان ترف الاستحمام والتطيب بالزيوت محظورا عليهم إلا في أيام معينة من السنة. وكانوا ينامون في جماعات، على أسرة مجدولة من عيدان القصب التي جمعوها بأيديهم، دون استخدام سكاكين، وأحضروها من ضفاف نهر أيروتاس
Eurotas ، وفي الشتاء يسمح لهم بأن يضيفوا إليها نباتات شائكة لتبعث فيهم بعض الدفء. وأما تعليم الأولاد الأكبر سنا فكان أشد قسوة، وإن لم يختلف كثيرا عن التعليم في بعض المدارس الإنجليزية العامة. في هذه المرحلة من العمر يحظى الأولاد الذين أبلوا بلاء حسنا برفقة كبار السن الذين كانوا يواظبون على الحضور إلى الأماكن التي يتدربون فيها على القوة والبراعة، لا كمراقبين عابرين، بل بصفتهم آباء لهم، أو حراسا وحكاما، بحيث لم يخل زمان ولا مكان من أشخاص يعلمونهم ويؤدبونهم. وبالإضافة إلى ذلك كان يعين واحد من أفضل وأقدر رجال المدينة مراقبا للشباب، فيسلم قيادة كل مجموعة لأحكم وأشجع شاب من أولئك الشبان الذين كان يطلق عليهم اسم الأيرين
Shafi da ba'a sani ba