Birnin Fadila A Tsawon Tarihi

Catiyat Abu Sucud d. 1450 AH
192

Birnin Fadila A Tsawon Tarihi

المدينة الفاضلة عبر التاريخ

Nau'ikan

وربما يكون ثوريا قديما أجبر على خيانة مثله العليا، أو موظفا مدنيا أو جنديا في فرق العاصفة، أو واحدا من شخصيات كافكا (1883-1924م) التي تصارع السلطة، وتواجه الغباء الأعمى للقانون والبيروقراطية. ولقد شعرنا جميعا، في وقت أو آخر، بنفس شعور «ك» - بطل رواية كافكا «المحاكمة» - بالضياع، والعجز الكامل عن فهم الآلة الضخمة التي توجه حياتنا وكثيرا ما تهيمن عليها. ولم يكن نقد كافكا للمجتمع موجها لأي دولة بعينها، ولكن الصراعات التي عاناها «ك» هي نفسها صراعات أي إنسان حديث.

لقد تناسى اليوتوبيون أن المجتمع كائن عضوي حي، وأن تنظيمه يجب أن يكون تعبيرا عن الحياة لا بناء ميتا. وقد دفع الوعي بهذه الحقيقة الكتاب المعاصرين إلى مهاجمة الدولة وكل أشكال السلطة، سواء كانت نابعة من الدين أو من الأحزاب السياسية، كما حفزتهم على الرجوع إلى نموذج التجمعات المستقلة التي يوحد بينها نظام فيدرالي حر، وتتيح أعظم الفرص الممكنة لتطور شخصية الإنسان. وقد أكدوا من جديد الحاجة إلى إيجاد أخلاق حقيقية لا تعلم في المدارس من كتب التعليمات المحفوظة، ولا تقوم على طاعة السلطة، ولا تبرر التضحيات والحلول الوسط «لمصلحة المجتمع»، بل تعزز حق الفرد في أن يفكر لنفسه ويدافع عن حريته، لأن الإنسان الذي يفتقر إلى الحرية لا يستحق أن يكون عضوا في الجماعة، وإذا هو ضحى بفرديته، وبروح المبادرة والتمرد، فقد أضر بالدولة بدلا من أن ينفعها.

وهذه الفقرة من كتاب سيلونه

Silone «مدرسة الطغاة» - على الرغم من أنها موجهة ضد مؤسسات فعلية - تشبه أن تكون نوعا من الإدانة لليوتوبيات التسلطية: «إن الآلات تستعبد الإنسان، وكان ينبغي أن تكون أدوات في يده، والدولة تستعبد المجتمع، والبيروقراطية تستعبد الدولة، والكنيسة تستعبد الدين، والبرلمان يستعبد الديمقراطية، والمؤسسات تستعبد العدالة، والأكاديمية تستعبد الفن، والجيش يستعبد الأمة، والحزب يستعبد القضية، وديكتاتورية البروليتاريا تستعبد الاشتراكية.»

ويقول هربرت ريد، بشكل أكثر قوة وإقناعا: «أعتقد أن الفكرة الوحيدة عن المجتمع التي يمكنها أن تضمن تكامل الشخص الإنساني، هي نفي فكرة المجتمع. فكل تقدم في اتجاه الجماعة يجب أن يقابله تأكيد لحرية الفرد. وكل قانون يجب أن يسمح بالخروج عليه. وأعظم سلطة ممكنة يجب أن تكون من حق أكثر الناس تواضعا. وكل عمل حكومي يجب أن يتضمن حدود صلاحيته كما يتضمن عدم دوام المنصب أو الوظيفة. وينبغي أن تكون استمرارية الحياة شيئا غير مرئي مثل اتجاه الريح. لا طبول تقرع، ولا أعلام ترفرف، لا تحيات ولا انحناءات، لا جيوش زاحفة في الاستعراضات ولا جوقات منشدة، بل شيء واحد فقط هو الصوت الوديع الهادئ وقمح الشرق.»

إن السياسيين ورجال الدولة يقربوننا كل يوم من تحقيق اليوتوبيات في الواقع، وذلك بإحكام رقابتهم على حياة الأفراد. صحيح أن الحكومة في هذا البلد (أي إنجلترا) لم تذهب إلى حد إصدار قائمة بالأطعمة التي ينبغي أن يتناولها الشعب أو التي لا ينبغي عليه تناولها، كما حدث في إيكاريا، ولكنها مع ذلك تحدد بدرجة كبيرة - عن طريق تنظيم الحصص التموينية والتحكم في الواردات - ما ينبغي علينا أن نأكله، وقد حددت أيضا في أثناء الحرب «الموضات» النسائية على أسس نفعية لا جمالية، بل بلغ بها الأمر أن غيرت ملابس الرجال، وعن طريق التحكم في الورق مارست رقابة على المطبوعات، أما عن التعبئة الصناعية، فبالرغم من الثغرات الكثيرة التي تزيد على ما كان يسمح به على اليوتوبيات، فإنها تلزم كل مواطن بالعمل. والتأمينات الاجتماعية تمثل جانبا آخر من تطبيق المبدأ الأثير عند كل اليوتوبيات، وهو أن المجتمع مسئول عن المريض والمتقدم في السن والعاطل والطفل، وإن كانت هذه التأمينات قد خفضت إلى حد هزيل لكي تتماشى مع مشروع بيفريدج.

11

وفي مجال الصناعة والبحث العلمي وصل مجتمعنا إلى المستوى الذي بشرت به اليوتوبيات، وجاوزه في كثير من الأحيان. ولما كان ينطبع شيئا فشيئا بطابع يوتوبي متزايد، فإن نبوءة «برديائيف» قد أوشكت أن تصبح حقيقة: «إن المثقفين يحلمون بتجنب تحقيق اليوتوبيات في الواقع، والعودة إلى مجتمع أقل كمالا وأكثر حرية».

والكتاب الذين اقتبسنا بعض عباراتهم ليسوا هم وحدهم المكافحين من أجل عالم مضاد لليوتوبيا، ففي فرنسا نجد جان بول سارتر وأندريه بريتون وألبير كامو، وفي أمريكا هنري ميلر وعشرات من الشعراء والكتاب الشبان والكتاب الكاثوليكيين مثل إريك جيل وجورج برنانوس، وعلماء الاجتماع والبيولوجيا مثل لويس ممفورد وباتريك جيريس، وروائيين مثل أ. م. فورستر، وركس وارنر وجراهام جرين، كل هؤلاء خاضوا معركة الفرد ضد الدولة. وقد ذهب البعض إلى حد وضع يوتوبيات نقدية ساخرة، ورؤى لعالم مستقبلي فقد فيه الإنسان تماما الإحساس بتفرده، ومجتمعات كاملة أصبح فيها الناس آلات على مستوى عال من الكفاءة، ولكنهم عاجزون عن تجربة أي عاطفة قوية. وقد يكون من الصعب تقدير مدى توجه هذه اليوتوبيات المضادة للهجوم على يوتوبيات الماضي، أو على الاتجاهات والمؤسسات الفعلية في مجتمعنا الحديث. ولكن من الواضح أن رواية «نحن الآخرون» لزامياتين،

12

Shafi da ba'a sani ba