Birnin Fadila A Tsawon Tarihi
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Nau'ikan
تحقق هذا المجتمع اليوتوبي بفضل التغيير الذي تم في تفكير الناس: «بدأ عدد متزايد من الناس يدركون أن المفهوم القديم للحياة الاجتماعية في الدولة، بوصفها صراعا محدودا ومشروعا بين الرجل والمرأة لكي يحصل كل منهما على أفضل ما عند الآخر، قد أصبح - في ظل الطاقات الجبارة التي أطلقها العلم والتنظيم ووضعاها في متناول الإنسان - أخطر من أن يحتمل، شأنه في ذلك شأن الرعب المتزايد من الأسلحة الحديثة الذي جعل السيادة المستقلة للأمم أخطر من أن تحتمل. وكان من الضروري أن تنشأ أفكار جديدة وتقاليد جديدة للاجتماع البشري حتى لا ينتهي التاريخ إلى الكارثة والانهيار ...
وكانت فكرة التنافس على الملكية، باعتبارها الفكرة المتحكمة في التعامل بين الناس، أشبه بفرن أسيء التحكم فيه، فأصبح يهدد بإتلاف الآلة التي دفعها في البداية على الحركة. ولذلك حتمت الظروف أن تحل محلها فكرة العمل المبدع، كما أصبح من الضروري أن يوجه العقل والإدارة نحو هذه الفكرة إذا أريد إنقاذ الحياة الاجتماعية. أضف إلى هذا أن الاقتراحات التي بدت في العصور السابقة نوعا من المثالية المتحمسة قد بدأ الاعتراف بها، لا كمجرد حقائق نفسية متزنة، بل كحقائق عملية وضرورية بشكل ملح.»
ولم يظهر المجتمع اليوتوبي بفعل ثورة مفاجئة. بل بفضل التزايد التدريجي للنور، وإشراق فجر أفكار جديدة. وبدأ التحسن البطيء للجنس البشري من الناحيتين الجسدية والعقلية، واستمر في التحسن بفضل إصلاح الظروف الاقتصادية والتقدم الملحوظ في دراسة تحسين النسل والتعليم.
وقد صدم أحد أبناء الأرض، الذي وجد نفسه فجأة في يوتوبيا، صدم بجمال الأجسام العارية لسكانها، ولكنه تأكد بعد ساعات قليلة من الحديث معهم أن تفوق أجسامهم لا يقاس بتفوق عقولهم: «وأفضل ما أبدأ به هو القول بأن عقول أطفال النور هؤلاء قد شبت بغير أن تفسدها تلك الأشكال الفظيعة من النزاع أو الخداع واللبس والجهل، التي عاقت نمو عقول أبناء الأرض. لقد كانوا (أي أبناء يوتوبيا) يتسمون بالوضوح والصراحة والمباشرة، ولم يبد عليهم أنهم عرفوا شيئا عن ذلك الموقف الدفاعي الذي يتخذه التلميذ عندما يتشكك في المعلم ويقاوم التعليم، وهو رد فعل طبيعي لعملية التعليم التي تعد نوعا من العدوان. لقد كانوا مسالمين وودودين في علاقات بعضهم ببعض، وبدا عليهم أنهم لا يعرفون شيئا عن التهكم، والمكر، والكذب، والغرور، والادعاء، التي تتسم بها أحاديث أبناء الأرض.»
كان التنظيم الاجتماعي ل «يوتوبيا حديثة» قد كشف عن ارتياب ولز في الطبيعة البشرية و«الحياة الغريزية»، ولكننا نجده في «بشر كالآلهة» يدين قمع الغرائز الحيوانية والشهوات: «لقد طورت يوتوبيا ببطء التجانس الحالي بين القانون والتعليم. لم يعد الإنسان معوقا ولا مكرها على شيء، واعترف بأنه حيوان في المقام الأول، وأن حياته اليومية ينبغي أن تشبع الشهوات وتلبي حاجة الغرائز. وقد حيك النسيج اليومي للحياة اليوتوبية من مأكولات ومشروبات متنوعة ولذيذة، ومن تمرينات وأعمال حرة ومسلية، ومن نوم عذب وشغف وسعادة بالعشق المتحرر من الخوف والإرغام. وقد وصل الكف والكبح إلى الحد الأدنى. أما التعليم في يوتوبيا فقد بدأت قوته في الظهور بعد أن تم إشباع الحيوان الغريزي وتلبية مطالبه. والوقاع أن «الجوهرة» التي تزين رأس الأفعى، والتي أخرجت يوتوبيا من فوضى الحياة البشرية، كانت هي حب الاستطلاع والدافع على اللعب الذي تطور عند البالغين حتى أصبح جوعا لا يشبع للمعرفة، ورغبة مستمرة وملحة في الإبداع. وهكذا صار جميع سكان يوتوبيا كالأطفال الصغار الذين لا يتوقفون عن التعليم والإنجاز.»
ولم يعد التعليم يهدف إلى غرس الانضباط والطاعة في نفس الطفل، وإنما يهدف إلى «إشباع دوافعه الطبيعية للعب والتعليم ... ومراقبة وتشجيع النمو المطرد لخياله ... بحيث يقبل على العمل الذي يجذبه، ويختار العمل الذي يمتعه.» وليس معنى هذا أن يسمح لجميع الغرائز بأن تتبع مسارها الطبيعي، لأن ولز يوظف ما يطلق عليه المحللون النفسيون اسم «التسامي» توظيفا حرا: «إن الانفعالات الجنسية للطفل تحول في الاتجاه المضاد لأنانيته، وحب استطلاعه يستثمر في الشغف بالبحث العلمي، وميله إلى العراك يوجه نحو محاربة الفوضى، كما يوجه كبرياؤه وطموحه إلى المشاركة المشرفة في الإنجاز الجماعي من أجل المصلحة العامة.»
وقد حلت «أكثر المناهج التعليمية رهافة» محل مناهج التنظيم الفجة في «يوتوبيا حديثة».
فلا يوجد، على سبيل المثال، عقاب للعاطلين في يوتوبيا؛ لأنهم لن يجدوا من يحبهم، «إذ لا يحب أحد في يوتوبيا أولئك الذين لا يملكون الطاقة ولا التمييز.» ولا توجد هنا قوانين صارمة للزواج، فالعقود تبرم بحرية وتنهى بحرية، ولا تجبر النساء على الحمل، ولا يحملن إلا بعد تدبر واستعداد. ولا توجد في يوتوبيا أي قيود. «وينظر إلى الحب الجسدي على أنه شيء طبيعي وجميل، ويتكلم عنه الأطفال دون أي إحساس بالوعي الذاتي».
4
كذلك حل التعليم محل الحكومة في يوتوبيا: «وليس في يوتوبيا برلمان، ولا سياسة، ولا ثروات خاصة، ولا منافسة في المصالح والأعمال ولا شرطة ولا سجون، ولا مجانين أو ضعاف عقول أو معوقون، والواقع أنها خالية من كل هذا لأن فيها مدارس ومعلمين كما ينبغي أن تكون المدارس والمعلمون. إن السياسة والتجارة والمنافسة هي وسائل التوافق أو التكيف في مجتمع مطبوع على الفجاجة والفظاظة. وقد نحيت أمثال هذه الوسائل جانبا في يوتوبيا لمدة تزيد على ألف سنة. ولا يحتاج اليوتوبيون الراشدون إلى حكم ولا حكومة، لأن كل ما يحتاجون إليه من الحكم والحكومة قد حصلوا عليه في مرحلة الطفولة والشباب.
Shafi da ba'a sani ba