Birnin Fadila A Tsawon Tarihi
المدينة الفاضلة عبر التاريخ
Nau'ikan
5
وما إن يتم اختيار الحراس حتى تخول لهم السلطة التي ستكون أوجب للاحترام كلما آمن الناس بأنها مقدرة من قبل. ومن خلال أسطورة أو «كذبة ضرورية» أو «أكذوبة نبيلة»، كما يسميها أفلاطون، يتحتم إقناع الحكام بأنهم ينتمون لطبقة أسمى، وأنهم ولدوا ليكونوا حكاما، والأهم في ذلك أن يدرب باقي المواطنين على الاعتقاد بأنهم ولدوا ليكونوا محكومين، وأن هذه الفروق الطبقية جزء من نظام إلهي. وبشيء من الخجل الذي يرجع لخوفه من عدم تصديق أكذوبته النبيلة بسهولة، نجد سقراط يعرض أسطورته البارعة على جلوكون: - سأقول لهم، مواصلا هذه الأسطورة، إن من الصحيح أنكم جميعا، يا أهل هذا البلد، إخوة، غير أن الله الذي فطركم قد مزج تركيب أولئك الذين يستطيعون الحكم منكم بالذهب. لهذا كان هؤلاء أنفسكم. ثم مزج تركيب الحراس بالفضة، وتركيب الفلاحين والصناع بالحديد والنحاس. ولما كنتم جميعا قد نبتم من بذرة واحدة، فإن أبناءكم، على الرغم من أنهم يشبهون آباءهم عادة، قد يأتون أحيانا من الفضة لأبوين من ذهب، أو من الذهب لأبوين من الفضة، وكذلك الحال في المعادن الأخرى. لهذا عهد الله إلى الحكام أولا وقبل كل شيء برعاية الأطفال، وبالعناية الكبرى بالمعدن الذي يدخل في تركيب نفوسهم. فإن دخل في تركيب أبنائهم عنصر من النحاس أو الحديد، فينبغي ألا تأخذهم بهم رحمة ، وأن يعاملوا طبيعتهم بما تستحقه، ويدخلوهم في زمرة الصناع أو العمال، أما إذا أنجب هؤلاء الأخيرون أبناء يمتزج بهم الذهب أو الفضة، فعليهم أن يقدروهم حق قدرهم، ويرفعوهم إلى مرتبة الحراس أو المحاربين، إذ إن هناك نبوءة تقول إن الدولة تفنى لو حرسها الحديد والنحاس. والآن فهل تعرف وسيلة لبث الإيمان بهذه الأسطورة في النفوس؟ - لست أعرف أي وسيلة تصلح للجيل الحالي، غير أن في وسع المرء أن يدفع أبناءه إلى تصديقها، ومن بعدهم ذريتهم ورجال المستقبل.
6
وبعد أن يتم اختيار الحراس وتخويلهم السلطة، تبقى مهمة تنظيم حياتهم لضمان أعظم قدر من الوحدة، ويتحقق هذا بأن يطلب منهم أن يشارك بعضهم بعضا في الخيرات والبيوت ووجبات الطعام. أضف إلى هذا أن الحراس لن يعرفوا أي نوع من الجشع أو الشهوة التي يمكن أن تزرع الخلاف بينهم وتصرفهم عن أداء مهمتهم: - إن من الواجب أولا ألا يكون لأي منهم شيء يمتلكه هو وحده، إلا عند الضرورة القصوى، وبعد ذلك ينبغي ألا يكون لواحد منهم منزل أو مسكن لا يدخله غيره. أما الغذاء الضروري لتكوين رياضيين محاربين أقوياء شجعان، فسوف يمدهم منه مواطنوهم، لقاء خدماتهم، بالكميات التي تكفيهم عاما واحدا بالضبط، لا يزيد ولا ينقص. وعليهم أن يتناولوا وجباتهم معا ويعيشوا جماعة كالجنود في ساحة القتال. وأما الذهب والفضة، فسنؤكد لهم أن لديهم في نفوسهم على الدوام ذهبا وفضة وهبهما لهم الله، وأنهم ليسوا بحاجة إلى ذهب الناس وفضتهم، وأن من العار أن يفسدوا ما يمتلكون من الذهب الإلهي بإضافة الذهب الأرضي إليه، إذ إن ذلك الذهب الذي يتنافس عليه العامة كان مبعثا لشرور لا حصر لها، على حين أن الذهب الذي يكمن في نفوسهم من معدن نقي، وأنهم هم وحدهم، دون بقية المواطنين، الذين ينبغي عليهم ألا يجمعوا مالا أو يمسوا ذهبا، أو أن يئويهم هم والذهب سقف واحد، أو أن يلبسوا حليا تزدان بها أجسامهم، أو أن يشربوا في أكواب من الفضة أو الذهب. ففي هذه الحياة وحدها يكون خلاص نفوسهم وخلاص الأمة. ذلك بأنهم لو تملكوا كالآخرين حقولا وبيوتا وأموالا، لتحولوا من حراس إلى تجار وزراع، ومن حماة للمدينة إلى طغاة وأعداء لها، ولقضوا حياتهم مبغضين ومبغضين، خادعين ومخدوعين.
7
وسوف تحكم المدينة على أفضل وجه عندما يتفق العدد «الأكبر من الناس على إطلاق كلمات «ملكي» أو «ليس ملكي» على نفس الشيء. ويجب أن تكون هناك مشاركة في اللذة والألم، لأن «الفردية في هذه المشاعر قوة عاملة على التفكك». ومن الواجب أن تكون هذه الوحدة قوية بين الحراس بصفة خاصة، ولهذا السبب يلزم أن تكون هناك مشاعية في الزوجات والأطفال، حتى يعتقد المواطن أن كل شخص يقابله هو أخ له أو أخت، أو أب أو أم، أو ابن أو ابنة، أو حفيد أو جد. هذا القانون سيجعلهم حراسا حقيقيين، ويحول دون تمزق المدينة، الذي يمكن أن يحدث إذا أطلق كل فرد كلمة «ملكي» على أشياء مختلفة وليس على نفس الشيء، وإذا أخذ الجميع ما يستطيعون أخذه لأنفسهم، وجروه معهم عائدين إلى بيوتهم الخاصة المختلفة، وإذا اتخذ أي فرد لنفسه زوجة وأطفالا، وغرس بذلك في المدينة المباهج الفردية وأحزان الأفراد ...»
وتتم الزيجات، أو بمعنى أدق المعاشرات الجنسية، طبقا لمبادئ صارمة لتحسين النسل، وهنا نجد أفلاطون يرجع مرة أخرى إلى استخدام «الأكاذيب الضرورية». - فإن كنت مشرعا، فعليك أن تختار للرجال الذين انتقيتهم أقرب النساء إلى طبيعتهم، ثم تجمع بين هؤلاء وأولئك، فيكون للجنسين معا نفس المسكن ونفس الطعام، ما دام من المحظور على أحد أن يملك شيئا لنفسه. ويعيشون معا، ويختلطون معا في الرياضة البدنية وفي بقية التدريبات، ويشعرون برابطة قوية تجمع بينهم بالطبيعة. أليس من الضروري أن يحدث هذا؟ - ربما لم تكن هذه ضرورة هندسية، ولكنها ضرورة قامت على الحب، وهي بالنسبة إلى البشر أقوى وأقدر على الجمع بينهم من الضرورة الأولى. - هذا صحيح، ولكن ترك الاجتماع بين الأزواج، أو أي عمل آخر مشترك بينهم، يتم اتفاقا دون نظام، هو أمر لا تقره الشرائع، ولا يسمح به الحكام في أي مجتمع يحيا مواطنوه حياة فاضلة. - الحق أن هذا لن يكون أمرا مستحبا. - فمن الواضح إذن أننا نود أن تكون الزيجات أقدس ما يمكن أن تكون، وهذه القداسة تتوافر في الزيجات التي تجلب أفضل النتائج. - هذا رأيي تماما. - فكيف نحصل على أفضل النتائج؟ ذلك ما لا يتعين عليك إجابته يا جلوكون؛ إذ إنني أرى في بيتك عديدا من كلاب الصيد والطيور الأصيلة، ولا بد أنك لاحظت شيئا في مسألة التزاوج والتناسل بينها. - وما هو؟ - ألا يوجد، بين هذه الحيوانات ذاتها، ما هو خير من الباقين، وإن تكن كلها أصيلة؟ - بالطبع. - فهل تسمح بأن يتناسل الجميع دون تمييز، أم أنك تحرص على أن يتناسل أصلحها فحسب؟ - الأصلح. - وأيها تفضل لهذا الغرض: الأصغر، أم الأكبر، أم الناضجين؟ - أفضل الناضجين. - وإن لم توجه مثل هذه العناية إلى تناسل طيورك وكلابك، فإن نوعها سيتدهور كثيرا، أليس كذلك؟ - بلى. - وهل الأمر على خلاف ذلك في حالة الخيل وغيرها من الحيوانات؟ - محال أن يتغير. - يا إلهي، إننا سنحتاج إلى مهارة فائقة في حكامنا، إن كان هذا يصدق على جنس البشر أيضا. - إنه لكذلك قطعا، ولكن لم كان تعين أن تتوافر فيهم هذه المهارة؟ - ذلك لأنه سيكون عليهم أن يستخدموا كميات كبيرة من ذلك الدواء الذي تحدثنا عنه من قبل، إذ يبدو أن طبيبا واحدا، حتى لو لم يكن ماهرا قط، يكفي لمعالجة أناس لا يحتاجون إلى أدوية، وإنما يودون أن يتبعوا نظاما دقيقا في المآكل فقط، أما إذا كان استخدام الأدوية ضروريا، فسيقتضي ذلك طبيبا ماهرا. - هذا صحيح، ولكن ما الذي ترمي إليه من كل ذلك؟ - يبدو لي أن الحكام سيضطرون إلى أن يلجئوا كثيرا إلى الكذب والخداع من أجل نفع تابعيهم، ولقد قلنا من قبل إن هذا النوع من الكذب نافع بوصفه دواء. - إن لنا كل الحق في أن نقول ذلك. - وهكذا يبدو أن هذا المبدأ السليم سيلعب في الزواج وفي إنجاب الأطفال دورا ليس بالهين. - وكيف ذلك؟ - من الضروري، تبعا للمبادئ التي أقررناها، أن يتزاوج هذا النوع الرفيع من الجنسين على أوسع نطاق ممكن، وأن يتزاوج النوع الأدنى على أضيق نطاق ممكن. ولا بد من تربية أطفال الأولين، لا الآخرين، إن كنا نود أن نحتفظ للقطيع بأصالته. ومن الناحية الأخرى، فعلى الحكام أن يدركوا وحدهم سر هذا الإجراء، كما يتجنبون على قدر استطاعتهم كل خلاف داخل قطيع الحراس. - هذا عين الصواب. - وعلى ذلك، فسنقيم احتفالات نجمع فيها بين الشبان والشابات، ونقدم فيها القرابين، ونعهد إلى شعرائنا بتأليف أناشيد تلائم حفلات الزواج. أما عدد هذه الاجتماعات السنوية، فسنترك تحديده للحكام حتى يستطيعوا أن يحتفظوا بعدد السكان ثابتا بقدر الإمكان، مع حساب ما يمكن أن تستتبعه الحروب والأمراض وغيرها من الحوادث من خسائر. فعليهم أن يحرصوا بقدر الإمكان، على ألا تغدو دولتنا كبيرة أو صغيرة أكثر مما ينبغي. - هذا حسن. - يبدو لي أن عليهم اختراع نوع من القرعة المدبرة، والتي يظن معها الأعضاء الأقل شأنا أن السبب في نتيجة الاقتراع هو سوء حظهم لا تدبير الحكام. - تماما. - وفضلا عن ذلك فإن الشبان الذين يبلون بلاء حسنا في الحروب وغيرها من المهام، يمنحون مكافآت وامتيازات، منها زيادة عدد مرات معاشرتهم للنساء، إذ إن تلك في الوقت ذاته ذريعة معقولة للحصول منهم على أكبر عدد ممكن من الأطفال. - هذا صحيح. - أما الأطفال، فعندما يولدون، يعهد بهم إلى هيئة تتولى شئونهم، تتكون إما من رجال أو من نساء، وإما من الجنسين معا، ما دامت المهام العامة مشتركة بين الرجال والنساء. - حسنا. - ومن الواجب أن يعنى هؤلاء الموظفون بأبناء صفوة المواطنين، ويعهدوا بهم إلى مربيات يقطن وحدهن مكانا خاصا من المدينة، أما أطفال المواطنين الأقل مرتبة، وأولئك الذين يولدون وفي أجسامهم عيب أو تشويه، فعليهم أن يخبئوهم في مكان خفي بعيد عن الأعين. - أجل، إذا أردنا المحافظة على نسل الحراس. - وعليهم أن يعنوا بتغذية الأطفال، وينقلوا الأمهات إلى دور الحضانة عندما تمتلئ أثداؤهن باللبن، مع اتخاذ كل التدابير الكفيلة بألا تتعرف الأمهات على أطفالهن. فإن لم يكن في وسع الأمهات أن يرضعن ، فلا بد من إيجاد مرضعات. ومن الواجب تحديد الوقت الذي تقوم فيه الأمهات بالرضاعة، بحيث لا يقمن بالسهر على الأطفال، لأن هذه وغيرها من الأعمال من شأن المربيات والخدم. - إن هذه التدابير من شأنها أن تجعل الأمومة أمرا هينا بالنسبة إلى نساء الحراس. - هكذا ينبغي أن تكون، ولكن لنواصل بحث موضوعنا. لقد قلنا إن إنجاب الأطفال يجب أن يتم بواسطة أناس ناضجين. - هذا صحيح. - ألا تظن معي أن المدة المعتادة لهذا النضج هي عشرون عاما للمرأة وثلاثون للرجل؟ - أي الأعوام تعني؟ - أعني أن للمرأة أن تنجب للدولة أطفالا منذ سن العشرين حتى الأربعين، أما الرجل، فبعد أن يجتاز أشد فترات العمر حماسة للسباق، يظل ينجب للدولة أطفالا حتى الخامسة والخمسين. - الحق أن هذه هي الفترة التي تبلغ فيها القوى الجسمية والذهنية، عند الجنسين، أقصى مداها. - فإذا حاول رجل أن ينجب أطفالا للدولة قبل هذه السن أو بعدها، فسنتهمه بأنه آثم في حق الدين والعدل؛ إذ إنه، لو أفلح في إخفاء ميلاد أطفاله، فمعنى ذلك أنه يأتي للدولة بأطفال لم يقترن مولدهم ببركات القرابين والصلوات التي يقوم بها الكهنة والكاهنات وكل هيئة دينية في الدولة لكل زواج، مبتهلين أن تنجب الصفوة المختارة من الناس أبناء خيرا منهم، وأن ينجب النافعون للدولة أطفالا أنفع لها منهم. أما هذا الذي يفعله أولئك، ففيه مخالفة وإباحية شنيعة. - هذا حسن. - وينطبق نفس الحكم على الرجل الذي بلغ سن النضج، حين يحاول أن ينجب من امرأة بلغت نفس السن دون أن يكون الحاكم قد جمع بينهما؛ إذ إن الطفل الذي يهبانه للدولة في مثل هذه الظروف، دون أن يكون القانون أو الدين قد باركهما، لا يكون بالنسبة إلينا إلا لقيطا. - هذا عين الصواب. - فإذا تجاوز الرجل أو المرأة سن الإنجاب للدولة، فأرى أن نترك للرجال حرية الاختلاط بمن يشاءون من النساء، فيما عدا بناته، وبنات بناته، أو أمه أو جدته، ونترك للنساء نفس الحرية، مع استثناء الأبناء والآباء والأحفاد والأجداد. ولكنا إذ نترك لهم تلك الحرية ، ينبغي أن ننبههم إلى أن يحرصوا كل الحرص على ألا ينجبوا للدولة أي طفل، فإذا لم تفلح احتياطاتهم، فليضعوا في أذهانهم أن يتخلصوا منه، لأن الدولة لن تستطيع أن تربي طفلا كهذا. - تلك تدابير حكيمة. ولكن على أي نحو يميزون آباءهم وبناتهم وغيرهم من الأقارب الذين ذكرتهم؟ - لن يستطيعوا تمييزهم قط. وإنما ينبغي أن ينظر الرجل، منذ الوقت الذي يبدأ فيه زواجه، إلى كل الأطفال الذين يولدون في الشهر السابع أو العاشر، الذكور منهم على أنهم أبناؤه، والإناث على أنهن بناته، وعلى هؤلاء الأطفال أن يدعوه بالأب، وعليه أن يعد أبناء هؤلاء أحفادا له، كما يعدونه هم جدا لهم، وامرأته جدة لهم. كذلك ينبغي أن ينظروا إلى الأطفال الذين يولدون في الفترة التي ينجب فيها آباؤهم وأمهاتهم على أنهم أشقاء وشقيقات لهم، وبهذا يمتنعون فيما بينهم، كما ذكرت، عن كل اختلاط جنسي. ومع ذلك فإن القانون يسمح بزواج الأخ من الأخت، إذا شاء الاقتراع ذلك، وإذا ما أيدته نبوءة دلفي. - هذا عين الصواب. - على هذا النحو، أو ما يشابهه، سيكون شيوع النساء والأطفال بين الحراس في الدولة.
8
وتتمكن زوجات الحراس، بعد تحررهن من مهمة تربية الأطفال ورعاية أسرهن، من مشاركة أزواجهن في تحمل أعباء حكم المدينة. ويوجه سقراط إلى جلوكون هذا السؤال: - هل توافق إذن على أن تشترك النساء مع الرجال في كل شيء، كما قلنا من قبل، أعني في شئون التربية والأطفال وحراسة بقية المواطنين، وأن على النساء، سواء ظللن في المدينة أم ذهبن إلى الحرب، أن يسهمن في حراسة الدولة، ويشتركن مع الرجال، كما تفعل إناث الكلاب حين تشارك ذكورها في الصيد والحراسة، وأن يتقاسمن معهم كل شيء؟ أتوافق على أن يفعلن كل هذا بقدر ما في وسعهن، وألا يتجاوز النظام الذي وضعته الطبيعة بين الرجل والمرأة، وذلك في الأمور التي خلقت للجنسين القدرة على التعاون فيها؟ - أوافق على ذلك.
9
Shafi da ba'a sani ba