ومنهم من كان يئد من البنات من كانت زرقاء أو شيماء (سوداء) أو برشاء (برصاء) أو كسحاء (عرجاء) تشاؤمًا منهم بهذه الصفات، ومنهم من كان يقتل أولاده خشية الإنفاق وخوف الفقر، وهم الفقراء من بعض قبائل العرب فكان يشتريهم من بعض سراة العرب وأشرافهم (١) . قال صعصعة بن ناجية: جاء الإسلام وفديت ثلاثمائة موءودة (٢) ومنهم من كان ينذر- إذا بلغ بنوه عشرة - نحر واحد منهم كما فعل عبد المطلب، ومنهم من يقول: الملائكة بنات- الله سبحانه عما يقولون- فألحقوا البنات به تعالى فهو ﷿ أحق بهن (٣) .
وكانوا يقتلون البنات ويئدونهن بقسوة نادرة في بعض الأحيان، فقد يتأخر وأد الموءودة لسفر الوالد وشغله فلا يئدها إلا وقد كبرت وصارت تعقل، وقد حكوا في ذلك عن أنفسهم مبكيات، وقد كان بعضهم يلقي الأنثى من شاهق (٤) .
العصبية القبلية والدموية في العرب:
وكانت العصبية القبلية والدموية شديدة جامحة، وكان أساسها جاهليًا تمثله الجملة المأثورة عن العرب: «انصر أخاك ظالمًا أو مظلومًا» فكانوا يتناصرون ظالمين أو مظلومين.
وكانت في المجتمع العربي طبقات وبيوت ترى لنفسها فضلًا على غيرها، وامتيازًا، فتترفع على الناس ولا تشاركهم في عادات كثيرة حتى في بعض مناسك الحج، فلا تقف بعرفات وتتقدم على الناس في الإفاضة والإجازة (٥)، وتنسأ الأشهر الحرم، وكان النفوذ والمناصب العليا والنسيء متوارثًا، يتوارثه الأبناء عن الآباء، وكانت طبقات مسخرة وطبقات سُوقة وعوام، فكان التفاوت الطبقي من مسلمات المجتمع العربي.
_________
(١) اقرأ بلوغ الأرب في أحوال العرب للآلوسي.
(٢) كتاب الأغاني.
(٣) بلوغ الأرب.
(٤) أيضًا.
(٥) سورة البقرة آية ١٩٩.
1 / 61