أعيرتنا ألبانها ولحومها *** وذلك عار يا بن ريطة ظاهر
نحابي بها أكفاءنا ونهينها *** ونشرب في أثمانها ونقامر
وكان عدم المشاركة في مجالس القمار عارًا، يقول الشاعر (١):
وإذا هلكتُ فلا تريدي عاجزًا *** غسًا ولا برمًا ولا معزالا
قال قتادة: كان الرجل في الجاهلية يقامر على أهله وماله فيقعد حزينًا سلبيًا ينظر إلى ماله في يد غيره، فكانت تورث بينهم عداوة وبغضًا (٢) .
وكان أهل الحجاز، العرب واليهود، يتعاطون الربا، وكان فاشيًا فيهم، وكانوا يجحفون فيه ويبلغون إلى حد الغلو والقسوة، وقال الطبري: كان الربا في الجاهلية في التضعيف وفي السنين، يكن للرجل فضل دين فيأتيه إذا حلّ الأجل فيقول له: تقضيني أو تزيدني؟ فإن كان عنده شيء يقضيه قضى وإلا حوله إلى السن التي فوق ذلك، إن كانت ابنة مخاض يجعلها ابنة لبون في السنة الثانية، ثم حُقَّة ثم جَذَعة ثم رباعيًا هكذا إلى فوق، وفي العين يأتيه، فإن لم يكن عنده أضعفه في العام القابل وإن لم يكن عنده أضعفه أيضًا فتكون مائة فيجعلها إلى القابل مائتين، فإن لم يكن عنده جعلها أربعمائة يضعفها له كل سنة أو يقضيه (٣) .
وقد رسخ الربا فيهم وجرى منهم مجرى الأمور الطبيعية التي صاروا لا يفرقون بينه وبين التجارة الطبيعية وقالوا إنما البيع مثل الربا، وقال الطبري إن الذين كانوا يأكلون الربا من أهل الجاهلية كان إذا حل مال أحدهم على غريمة يقول الغريم
_________
(١) ديوان الحماسة.
(٢) تفسير الطبري: تفسير آية «إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء» الآية.
(٣) تفسير الطبري «ج ٤ ص ٥٩» .
1 / 58