وقال الجنيد(1) رحمه الله: إذا رأيت الفقير يطلب السماع، فاعلم أن فيه بقية من البطالة، والله لا يحب(2) الرجل البطال، فإن من تعطل وتبطل فقد انسلخ من الإنسانية، بل من الحيوانية، وصار من جنس الموتى، وذلك أنه خص الإنسان بالقوى الثلاث؛ ليسعى في فضيلتها.
فإن فضيلة القوة الشهوانية تطالبه بالمكاسب التي تمنيه.
وفضيلة القوة الغضبية تطالبه بالمجاهدات(3) التي تحميه.
وفضيلة القوة الفكرية تطالبه بالعلوم التي تهديه.
فحقه أن يتأمل قوته ويسير قدر ما يطيقه، فيسعى بحسبه لما يفيده السعادة، ويتحقق أن اضطرابه سبب وصوله من الذل إلى العز، ومن الفقر إلى الغنى، ومن الضعة إلى الرفعة، ومن الخمول إلى النباهة.
قال بزر جمهر: من تخلق بالكسل، فلينسل عن سعادة الدارين.
((وكان النبي عليه السلام يتعوذ بالله من الكسل، ويقول رحم الله امرءا رأى(4) من نفسه جلدا(5) )).
Shafi 8