ويشرح مراحل السائرين بين هذه المنازل، وليس في العنوان إشارة من قريب أو بعيد إلى أنه شرح لكتاب منازل السائرين للهروي. وإذا نظرنا إلى قول المؤلف في مقدمة الكتاب: «ونحن ننبه على هذا بالكلام على فاتحة الكتاب وأم القرآن وما تضمنته من الرد ... وما تضمنته من منازل السائرين ومقامات العارفين ...»، ثم إلى الفصل الذي عقده «في منازل (إياك نعبد) التي ينتقل فيها القلب منزلة منزلة في حال سيره إلى الله»، وشروعه بعد ذلك في الكلام على المنازل ونَقْل كلام الهروي وشرحه وتعقبه، ثم إلى افتتاحه أكثر المنازل بقوله: «ومن منازل إياك نعبد وإياك نستعين ...» = إذا نظرنا إلى كل ذلك رأينا العنوان مطابقًا لمنهج الكتاب، ومحتواه، وسياسة المؤلف في تأليفه. فإن الغرض من إنشاء الكتاب: بيان المنهج الصحيح لتزكية النفس، وإصلاح التصوف من خلال الكلام على منازل السائرين للهروي بالإضافة إلى تبرئته مما يزعمه أصحاب وحدة الوجود أنه منهم؛ فلم يَعْقِد المؤلفُ كتابَه ابتداءً على شرحِ كتابِ المنازلِ أو انتقاده.
ولكن يبدو أنه خشي فيما بعد أن هذا العنوان الذي يطابق بناء الكتاب قد يضر بغرض تأليفه، إذ ليس في ألفاظ العنوان ما يجذب طلاب التزكية والراغبين في كتب المتصوفة إلى قراءة هذا الكتاب، فأحبَّ أن يصرّح في العنوان بأنه في شرح «منازل السائرين» ليقبلوا عليه، ويحصل المقصود، فاختار «مدارج السالكين في شرح منازل السائرين».
ولا شك أن الكتاب شرح «منازل السائرين»، ولكنه ليس شرحًا كالشروح المعروفة، ولم يتَّبع فيه المنهج المألوف في شرح الكتب كما سيأتي، ثم هذا العنوان لا ينبئ بأن الكتاب في مادته ومنهجه يختلف عن شرح
1 / 12