25 أكتوبر سنة 1935م
قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد فمن كان يرجوا لقاء ربه فليعمل عملا صالحا ولا يشرك بعبادة ربه أحدا .
فاتحة الكتاب
باسمك اللهم أفتتح هذا الكتاب، ومنك وحدك أنتظر حسن الجزاء.
أما بعد؛ فهذا كتاب لم يكن ظهوره في الحسبان، فهو في الأصل باب من كتاب قدمته إلى الجامعة المصرية عن «أثر التصوف في الأدب والأخلاق»، وألفت لدرسه لجنة مكونة من الدكتور منصور فهمي، والأستاذ مصطفى عبد الرازق، والدكتور عبد الوهاب عزام، ورأت هذه اللجنة أن الباب الخاص بالمدائح النبوية خليق بأن يظهر مستقلا عن الأصل بعض الاستقلال، وكان هذا الاقتراح فرصة تلقفتها في نشوة الجذلان؛ لأني كنت أشعر أن المدائح النبوية في الأدب العربي تستأهل الظهور في كتاب خاص.
ومن الخير أن أصارح القارئ بأن هذه الفصول نسخت نسخا من الكتاب الأصيل، فلم يحذف منها شيء، ولم يضف إليها شيء؛ لأني قدمتها إلى المطبعة في أيام كانت كلها شواغل، ولأني آثرت أن تظهر كما فاض بها القلب، فلا يفسدها تأنق، ولا يزورها تنميق.
والحق أني لا أستطيع أبدا أن أكتب البحث الواحد مرتين؛ لأني أنتزع أدبي من ثورة العقل والقلب، وقد درست نفسي مرات كثيرة؛ فرأيت السهم الأول أنفذ في جميع الأحيان، ورأيت معاودة الصقل والتهذيب ضربا من الزخرف لا تسيغه طبيعة فطرت على الثورة والاقتحام.
وإني لأعترف بأني مأخوذ بنشوة النصر وأنا أقدم هذا الكتاب إلى القراء، فما كنت أحسب أن الزمان سينصفني هذا الإنصاف؛ فأكون أول من يرسم خصائص المدائح النبوية في الأدب العربي، وهو موضوع كان يجب أن تعين رسومه وحدوده منذ أزمان.
وقد تلقيت جزائي سلفا على تحبير هذه الفصول، فلن أنسى ما حييت تلك التحيات الطيبات التي تلقيتها من الدكتور منصور فهمي، والأستاذ مصطفى عبد الرازق، والدكتور عبد الوهاب عزام، ومن قبل هذا أنست بموضوع البحث، فكان ذلك الأنس أفضل جزاء.
وأي أنس أعظم من شغل النفس بتلك الأقباس الروحانية التي بثها نبي الإسلام في أرجاء الوجود؟
Shafi da ba'a sani ba