فصل [٤ - حد السفر الذي يقصر فيه]:
والظاهر من المذهب أنه ثمانية وأربعون ميلًا (^١)، وقال أبو حنيفة: ثلاثة أيام (^٢)، ودليلنا قوله تعالى: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ فعم (^٣)، ولم يخص، ولأنها مسافة تلحق المشقة في قطعها غالبًا فجاز القصر فيها، أصله مسافة الثلاثة أيام.
فصل [٥ - شروط القصر]:
ولا يجوز القصر إلا إذا فارق بلده ولم يقابله شيء منه (^٤)، خلافًا لبعض المتقدمين (^٥) في قوله: أنه يقصر إذا نوى السفر وإن كان ببلده، لقوله: ﴿وَإِذَا ضَرَبْتُمْ فِي الْأَرْضِ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَنْ تَقْصُرُوا مِنَ الصَّلَاةِ﴾ (^٦)، والضرب في الأرض لا يكون بالنية، وإنما يكون بالفعل، ولأنه إذا كان مسافرًا لم يصر مقيمًا، كذلك إذا كان مقيمًا لا يكون مسافرًا بمجرد النية.
فصل [٦ - متى يبدأ القصر]:
وفي المسافة التي يقصر ببلوغه إليها روايتان (^٧): إحداهما أن يفارق بيوت بلده ولا يحاذيه ولا عن يمينه وشماله شيء منها، والآخر أن يكون من المصر على
(^١) انظر: المدونة: ١/ ١١٤، التفريع: ١/ ٢٥٨، الرسالة ص ١٢٩، والميل بالكسر -عند العرب: مقدار مدى البصر من الأرض وهو أربعة آلاف ذراع (المصباح المنير ص ٥٨٨).
(^٢) انظر: مختصر الطحاوي ص ٣٣، مختصر القدوري: ١/ ١٠٥.
(^٣) أراد بالعموم الإطلاق، لأن قوله: ﴿ضَرَبْتُمْ﴾ مطلقة لم تقيد بمسافة ولا مكان ولا زمان، فاقتضى هذا الظاهر جواز القصر في جميع السفر.
(^٤) انظر: المدونة: ١/ ١١٢، التفريع: ١/ ٢٥٨، الرسالة ص ١٢٩.
(^٥) وهو قول عطاء وسليمان بن موسى أنهما أباحا القصر في البلد لمن نوى السفر وغيرهم (المغني: ٢/ ٢٦٠).
(^٦) سورة النساء، الآية: ١٠١.
(^٧) انظر: المدونة: ١/ ١١٢، التفريع: ١/ ٢٥٨.