ذِكْرُ النَّوْعِ الثَّانِي مِنْ أَنْوَاعِ عِلْمِ الْحَدِيثِ وَالنَّوْعُ الثَّانِي مِنْ مَعْرِفَةِ عُلُومِ الْحَدِيثِ الْعِلْمُ بِالنَّازِلِ مِنَ الْإِسْنَادِ، وَلَعَلَّ قَائِلًا يَقُولُ: النُّزُولُ ضِدُّ الْعُلُوِّ، فَقَدْ عُرِفَ ضِدُّهُ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَإِنَّ لِلنُّزُولِ مَرَاتِبَ لَا يَعْرِفُهَا إِلَّا أَهْلُ الصَّنْعَةِ، فَمِنْهَا مَا تُؤَدِّي الضَّرُورَةُ إِلَى سَمَاعِهِ نَازِلًا، وَمِنْهَا مَا يَحْتَاجُ طَالِبُ الْعِلْمِ إِلَى مَعْرِفَةٍ وَتَبَحُّرٍ فِيهِ، فَلَا يَكْتُبُ النَّازِلَ وَهُوَ مَوْجُودٌ بِإِسْنَادٍ أَعْلَى مِنْهُ
مِثَالُ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَنَسٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵀ أَنَّ ⦗١٣⦘ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ» قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي خُطْبَةِ الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ الْمُقْرِئِ وَأَمْثَالُهُ فِي الْكِتَابِ تَزِيدُ عَلَى الْمِئَتَيْنِ، فَمَنْ وَجَدَهُ هَكَذَا عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الْمُقْرِئِ، ثُمَّ كَتَبَ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ الْمُقْرِئٍ، فَإِنَّهُ لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِالنُّزُولِ وَأَشْبَاهِ هَذَا كَثِيرَةٌ وَالْأَحَادِيثُ النَّازِلَةُ عَلَى أَوْجُهٍ كَثِيرَةٌ، فَمِنْهَا مَا يَسْتَوِي الْعَدَدُ فِي رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَعْلَى مِنَ الْأُخْرَى، وَمِثَالُ ذَلِكَ لِأَمْثَالِنَا أَنَا إِذَا نَزَلْنَا فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ فرُوِّينَاهُ عَنْ شُيُوخِنَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، أَوْ رُوِّينَاهُ عَنْ شُيُوخِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَإِنَّهُ أَعْلَى مِنْ أَنْ نَرْوِيَهُ، عَنْ شُيُوخِنَا، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ، عَنْ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ أَوْ نَرْوِيهِ عَنْ شُيُوخِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَهَذَا مِثْلُ الْأُلُوفِ مِنَ الْحَدِيثِ لِمَنْ فَهِمَهُ وَتَدَبَّرَهُ فَقَاسَ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَشُعْبَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النُّزُولَ، عَنْ شَيْخٍ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ، وَاشْتَهَرَ فَضْلُهُ أَحْلَى وَأَعْلَى مِنْهُ، عَنْ شَيْخٍ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ، وَعُرِفَ بِالصِّدْقِ وَمِمَّا يَحْتَاجُ طَالِبُ الْحَدِيثِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِنَ النُّزُولِ أَنْ يَنْظُرَ فِي إِسْنَادِ الشَّيْخِ الَّذِي يُكْتَبُ عَنْهُ فَمَا قَرُبَ مِنْ سِنِّهِ طَلَبَ أَعْلَى مِنْهُ، وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنِّي نَشَأْتُ وَطَلَبْتُ الْحَدِيثَ بَعْدَ وَفَاةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَقَعَ الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي كُرَيْبٍ، وَبُنْدَارٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَعَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ عِنْدِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الْجَارُودِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَقْرَانِهِمَا، عَنْ هَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُ لِي أَعْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ عَنْ مَنْ يَقْرُبُ وَفَاتُهُ مِنْ وِلَادَتِي وَنُشُوِّي، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي مَعْرِفَةِ النُّزُولِ، وَكَذَلِكَ إِذَا وَقَعَ الْحَدِيثُ لِطُلَّابِهِ فِي عَصْرِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَوْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيِّ، أَوْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَأَقْرَانِهِمْ، فَإِنَّهُ أَعْلَى مِنْ أَنْ يَقَعَ لَهُمْ عَنِ الشَّرْقِيِّ وَمَكِّيٍّ وَأَقْرَانِهِمَا
مِثَالُ ذَلِكَ مَا حَدَّثَنَاهُ أَبُو جَعْفَرٍ مُحَمَّدُ بْنُ صَالِحِ بْنِ هَانِئٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ أَنَسٍ الْقُرَشِيُّ، ثنا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ الْمُقْرِئُ، ثنا سَعِيدُ بْنُ أَبِي أَيُّوبَ، حَدَّثَنِي أَبُو هَانِئٍ، عَنْ أَبِي عُثْمَانَ مُسْلِمِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵀ أَنَّ ⦗١٣⦘ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: «سَيَكُونُ فِي آخِرِ أُمَّتِي أُنَاسٌ يُحَدِّثُونَكُمْ بِمَا لَمْ تَسْمَعُوا أَنْتُمْ، وَلَا آبَاؤُكُمْ، فَإِيَّاكُمْ وَإِيَّاهُمْ» قَالَ الْحَاكِمُ: هَذَا حَدِيثٌ ذَكَرَهُ مُسْلِمٌ فِي خُطْبَةِ الْمُسْنَدِ الصَّحِيحِ رَوَاهُ عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ الْمُقْرِئِ وَأَمْثَالُهُ فِي الْكِتَابِ تَزِيدُ عَلَى الْمِئَتَيْنِ، فَمَنْ وَجَدَهُ هَكَذَا عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنِ الْمُقْرِئِ، ثُمَّ كَتَبَ عَنْ ثَلَاثَةٍ، عَنْ مُسْلِمٍ، عَنِ ابْنِ نُمَيْرٍ، عَنِ الْمُقْرِئٍ، فَإِنَّهُ لِقِلَّةِ مَعْرِفَتِهِ بِالنُّزُولِ وَأَشْبَاهِ هَذَا كَثِيرَةٌ وَالْأَحَادِيثُ النَّازِلَةُ عَلَى أَوْجُهٍ كَثِيرَةٌ، فَمِنْهَا مَا يَسْتَوِي الْعَدَدُ فِي رِوَايَتَيْنِ: إِحْدَاهُمَا أَعْلَى مِنَ الْأُخْرَى، وَمِثَالُ ذَلِكَ لِأَمْثَالِنَا أَنَا إِذَا نَزَلْنَا فِي حَدِيثِ الْأَعْمَشِ فرُوِّينَاهُ عَنْ شُيُوخِنَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ وَكِيعٍ، عَنِ الْأَعْمَشِ، أَوْ رُوِّينَاهُ عَنْ شُيُوخِنَا، عَنْ أَحْمَدَ بْنِ سَلَمَةَ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ رَاهَوَيْهِ، عَنْ عِيسَى بْنِ يُونُسَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، فَإِنَّهُ أَعْلَى مِنْ أَنْ نَرْوِيَهُ، عَنْ شُيُوخِنَا، عَنْ أَبِي الْعَبَّاسِ السَّرَّاجِ، عَنْ هَنَّادِ بْنِ السَّرِيِّ، عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ أَوْ نَرْوِيهِ عَنْ شُيُوخِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ، عَنْ أَبِي أُسَامَةَ، عَنِ الْأَعْمَشِ، وَهَذَا مِثْلُ الْأُلُوفِ مِنَ الْحَدِيثِ لِمَنْ فَهِمَهُ وَتَدَبَّرَهُ فَقَاسَ عَلَيْهِ أَحَادِيثَ الثَّوْرِيِّ، وَمَالِكٍ، وَشُعْبَةَ وَغَيْرِهِمْ مِنَ الْأَئِمَّةِ، وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ أَنَّ النُّزُولَ، عَنْ شَيْخٍ تَقَدَّمَ مَوْتُهُ، وَاشْتَهَرَ فَضْلُهُ أَحْلَى وَأَعْلَى مِنْهُ، عَنْ شَيْخٍ تَأَخَّرَ مَوْتُهُ، وَعُرِفَ بِالصِّدْقِ وَمِمَّا يَحْتَاجُ طَالِبُ الْحَدِيثِ إِلَى مَعْرِفَتِهِ مِنَ النُّزُولِ أَنْ يَنْظُرَ فِي إِسْنَادِ الشَّيْخِ الَّذِي يُكْتَبُ عَنْهُ فَمَا قَرُبَ مِنْ سِنِّهِ طَلَبَ أَعْلَى مِنْهُ، وَمِثَالُ ذَلِكَ أَنِّي نَشَأْتُ وَطَلَبْتُ الْحَدِيثَ بَعْدَ وَفَاةِ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ بْنِ خُزَيْمَةَ بِعَشْرِ سِنِينَ، فَإِذَا وَقَعَ الْحَدِيثُ مِنْ حَدِيثِ أَبِي كُرَيْبٍ، وَبُنْدَارٍ، وَأَبِي مُوسَى، وَعَبْدِ الْجَبَّارِ بْنِ الْعَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ عِنْدِي مِنْ حَدِيثِ أَبِي بَكْرٍ الْجَارُودِيِّ، وَإِبْرَاهِيمَ بْنِ أَبِي طَالِبٍ، وَأَقْرَانِهِمَا، عَنْ هَؤُلَاءِ الشُّيُوخِ، فَإِنَّهُ لِي أَعْلَى مِنْ أَنْ يَكُونَ عَنْ مَنْ يَقْرُبُ وَفَاتُهُ مِنْ وِلَادَتِي وَنُشُوِّي، وَهَذَا أَصْلٌ كَبِيرٌ فِي مَعْرِفَةِ النُّزُولِ، وَكَذَلِكَ إِذَا وَقَعَ الْحَدِيثُ لِطُلَّابِهِ فِي عَصْرِنَا، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى أَوْ أَحْمَدَ بْنِ يُوسُفَ السُّلَمِيِّ، أَوْ مُسْلِمِ بْنِ الْحَجَّاجِ وَأَقْرَانِهِمْ، فَإِنَّهُ أَعْلَى مِنْ أَنْ يَقَعَ لَهُمْ عَنِ الشَّرْقِيِّ وَمَكِّيٍّ وَأَقْرَانِهِمَا
1 / 12