Macqul da Ba Macqul
المعقول واللامعقول في تراثنا الفكري
Nau'ikan
فأما العجب من الخوارج فمصدره تناقض في موقفهم عجيب، وأما الإعجاب بهم فهو فيما انتهوا إليه من مبادئ في سياسة الحكم، لو كان المسلمون قد أخذوا بها مخلصين، لكان لهم - في رأي هذا الكاتب - شأن آخر، ومن أهم تلك المبادئ أن الحكم يكون لصاحب القدرة عليه لا للوارثين ولا للأقوياء أو الأغنياء، وأنه لا يجوز أن يكون بين العقيدة والعمل بها فجوة تفصلهما، فإذا آمن إنسان بفكرة على أنها الأصلح، وجب أن يفنى في سبيل تحقيقها.
ولنبدأ بما نراه في موقفهم من تناقض؛ فيم كان حثهم عليا أن يقبل التحكيم حين رفع معاوية ورجاله المصاحف على أطراف رماحهم، حتى إذا ما قبل التحكيم على نحو ما بينا وانتهى إلى ما انتهى إليه، صاحوا: «لا حكم إلا لله» وتنكروا لما أسفرت عنه عملية التحكيم؟! ثم ما الفرق بين أن يحتكم المحكمون للقرآن، وبين أن يكون الحكم لله؟!
ولقد كنت لأرتاب في قدرتي على فهم الموقف على حقيقته، لولا أني أقرأ لعلي نفسه في «نهج البلاغة» ما يدل على أنه هو الآخر كان في عجب من تناقضهم، فلتقرأ له - مثلا - هذه الخطبة، قالها بعد التحكيم: «الحمد لله، وإن أتى الدهر بالخطب الفادح، والحدث الجليل ... أما بعد، فإن معصية الناصح الشفيق العالم المجرب، تورث الحسرة، وتعقب الندامة، وقد كنت أمرتكم في هذه الحكومة أمري، ونخلت لكم مخزون رأيي، لو كان يطاع لقصير أمر! فأبيتم علي إباء المخالفين الجفاة، والمنابذين العصاة، حتى ارتاب الناصح بنصحه، وضن الزند بقدحه، فكنت أنا وإياكم كما قال أخو هوازن:
أمرتكم أمري بمنعرج اللوى
فلم تستبينوا النصح إلا ضحى الغد.»
ثم لنقرأ هذه الخطبة لعلي أيضا: «... قد كنت نهيتكم عن هذه الحكومة، فأبيتم علي إباء المخالفين المنابذين، حتى صرفت رأيي إلى هواكم، وأنتم معاشر أخفاء الهام، سفهاء الأحلام.»
وقيل: إن عليا أرسل إليهم عبد الله بن عباس ليناظرهم في شأن موقفهم، فجرى بينه وبينهم هذا الحوار:
ابن عباس :
ما الذي نقمتم على أمير المؤمنين؟
الخوارج :
Shafi da ba'a sani ba