Ma'anar Rayuwa: Gabatarwa Ta Gajere
معنى الحياة: مقدمة قصيرة جدا
Nau'ikan
ولكنها بلا دلالة.
الفصل 5، المشهد 5
إن الفقرة في مضمونها محيرة أكثر مما تبدو في ظاهرها. فماكبث في الواقع يشكو من جانبين للحياة - وقتيتها وخوائها - وبإمكانك أن ترى الصلة بين الاثنين. فالإنجازات تفرغ من مضمونها من خلال حقيقة أنها تزوي وتضمحل بسرعة بالغة. غير أن وقتية الأشياء ليست بالضرورة أن تكون أمرا مأساويا: فمن الممكن النظر إليها ببساطة كجزء من طبيعتها، ليس له أي تداعيات محزنة حتميا. فإذا كانت مآدب العشاء الفاخرة تزول، فكذلك الحال بالنسبة للطغاة وآلام الأسنان. هل يمكن لحياة إنسان ليس لها حدود وتطول إلى ما لا نهاية، أن يكون لها شكل ذا معنى؟ ألا يعد الموت في هذه الحالة واحدا من الشروط المسبقة لكي يكون للحياة معنى من الأساس؟ أو هل يمكن لحياة كهذه أن تظل ذات معنى بدلالات أخرى للكلمة خلاف «امتلاك شكل ذا معنى»؟ على أية حال، إذا كانت الحياة حقا زائلة إلى هذا الحد، فلماذا ينبغي أن يضطرك مجرد التفكير في هذا لأن تجعلها أكثر زوالا ووقتية (لتنطفئي، لتنطفئي أيتها الشمعة قصيرة الأجل!)
شكل 2-1: جون جيلجود في دور ماكبث مذعورا. (© Hulton Archive/Getty Images)
وعلى غرار عرض درامي - مثلما توحي السطور - لا يستمر الوجود الإنساني طويلا. ولكن الصورة المسرحية تهدد بتقويض الفكرة الكامنة وراءه، إذ إن من طبيعة أية مسرحية ألا تستمر لفترة طويلة، فنحن لا نرغب في الجلوس في قاعة المسرح للأبد. فلماذا إذن لا تكون فكرة قصر الحياة مقبولة بالقدر ذاته؟ أو ربما - في هذا الإطار - مقبولة بقدر أكبر؛ بما أن قصر الحياة أمر طبيعي، بينما الدراما ليست كذلك؟ إلى جانب ذلك، فإن حقيقة خروج الممثل من المسرح لا يلغي كل شيء فعله أو قاله على خشبة المسرح. بل على العكس، فخروجه جزء من هذا المعنى؛ فهو لا يغادر المسرح بشكل عشوائي. وفي هذا الإطار أيضا، تتعارض الصورة المسرحية مع فكرة أن الموت يضعف إنجازاتنا ويوقفها أيضا.
بالتأكيد ليس من باب المصادفة أن شكسبير عندما يضطر لاستدعاء رؤية سلبية في ذهنه، فإنه يقدم لنا شخصية ممثل ناشئ يبالغ في أدائه المسرحي. فالرجال في النهاية هم من دمروا سمعته ورصيده البنكي أغلب الظن. ومثل ممثل بائس (و«بائس» هنا ربما تعني «غير كفء» و«مثير للشفقة» على حد سواء)، تفتقر الحياة للمعنى؛ لأنها مصطنعة ومزيفة ومتخمة عن آخرها ببلاغة محملة بالنذر والتي هي في الحقيقة مجرد هراء. إن أي ممثل لا «يعني» بالفعل ما يقوله، وكذلك الحال بالنسبة للحياة. ولكن أليست هذه المقارنة تزييفية؟ أليست هذه مجرد نظرية المعنى الخاصة ب «نية القول»، والتي - وكما رأينا - تنطبق بشكل غير مؤكد فقط على الحياة في المقام الأول؟
وماذا عن عبارة «إنها حكاية يرويها أحمق»؟ تعد هذه العبارة - من جانب ما - عبارة عزاء ومواساة. فقد تكون الحياة حمقاء وسخيفة، ولكنها على الأقل تشكل قصة تتضمن بنية أولية غير متطورة من نوع ما. قد تكون محرفة ومنقوصة، ولكن هناك راو وراءها، حتى وإن كان راويا أحمق. في إنتاج تلفزيوني لمحطة بي بي سي للمسرحية قبل بضع سنوات، لم يلق الممثل الذي يؤدي دور ماكبث هذه السطور الختامية بتمتمة متقطعة، وإنما ألقاها في دفقة غاضبة من الاستياء، صارخا بها في غضب عارم أمام كاميرا رأسية قصد بها بشكل واضح أن تحل محل الإله. لقد كان الإله هو ذلك الراوي الأحمق. وكما هو الحال بالنسبة لرؤية شوبنهاور للعالم والتي سنتناولها هاهنا، كان هناك بالفعل مؤلف لهذه المسرحية الهزلية الرهيبة، ولكن ذلك لم يكن يعني أنها مفهومة. على العكس، فقد أضفى ذلك لمحة مقززة من السخرية على سخافتها ولا معقوليتها. غير أن ثمة غموضا هنا: هل الحكاية تافهة بطبيعتها، أم أنها تافهة لأن من رواها أحمق؟ أم الاثنين معا؟ قد توحي الصورة ضمنا - ربما دون رغبة كبيرة في القيام بذلك - بأن الحياة هي الشيء الذي «يمكن» أن يكون له معنى منطقي، مثلما يمكن أيضا اعتبار أن كلمة «حكاية» توحي بذلك. فكيف يمكن لشيء لا يدل على شيء بكل ما في الكلمة من معنى ويظل يشكل حكاية؟
وعلى غرار الخطب الرنانة، تبدو الحياة ذات معنى ولكنها في الواقع مملة وسخيفة. وكما هو الحال مع ممثل أخرق، تدعي الحياة أنها ذات معنى، ولكنها تفتقر إليه. فموجة من الدلالات (ملؤها الصخب والغضب) من شأنها إخفاء غياب المدلولات (ولكنها بلا دلالة). ومثل قطعة بلاغية رديئة، فإن الحياة هي مسألة ملء للفراغ الذي هو الحياة ذاتها بشكل مبهرج وصاخب؛ فهي خادعة وعديمة القيمة كذلك. لذا فإن ما على المحك هنا هو التحرر المرير من الأوهام، مثلما تتحول طموحات الملك الزائف السياسية إلى رماد لا قيمة له. غير أن الصور المجازية - مرة أخرى - تعد خادعة جزئيا، فالممثلون في النهاية أشخاص حقيقيون كأي أشخاص آخرين. فهم يبتكرون قصصا على نحو صادق، وخشبة المسرح التي يمارسون عليها ذلك حقيقية بالقدر نفسه. (فالاستعارة - ربما على عكس مقاصدها - توحي ضمنا بأن العالم (أو خشبة المسرح) وكذلك الممثل ليس لهما أساس في الواقع، بينما يمكنك دائما أن تدعي أن الحياة الإنسانية زائفة ولكن بيئاتها المادية المحيطة ليست كذلك). والممثلون الذين «لم يسمع صوتهم للأبد» قابعون في كواليس المسرح، وليس في القبور.
يوجد على الأقل نظريتان لانعدام المعنى تظهران في القطعة، إحداهما وجودية وتتمثل في كون الوجود الإنساني ما هو إلا مسرحية هزلية أو جوفاء. فهناك معان جمة، ولكنها خادعة. أما النظرية الأخرى، فيمكن أن نطلق عليها نظرية دلالية، توحي ضمنا بأن الحياة لا معنى لها كشأن قطعة من الثرثرة المبهمة. تلك هي الحكاية التي يرويها أحمق، دون أن يكون لها أي دلالة. فالحياة مبهمة وتافهة، إلا أنك في الواقع لا تستطيع تفعيل المعنيين معا؛ لأنه لو كان الوجود مبهما بحق، لاستحال تمرير أحكام وآراء أخلاقية بشأنه، مثل الحكم بأنه خال من المدلول، مما يجعل الأمر أشبه برفض كلمة من لغة أجنبية باعتبارها هراء، في حين أننا لم نستطع حتى ترجمتها.
إذا كان السؤال الخاص بمعنى الحياة ليس كمحاولة فهم قطعة من الهراء واللغو، فإنه أيضا ليس كسؤال مثل «ما معنى كلمة
Shafi da ba'a sani ba