يقولون إن الجسم تنقل روحه
إلى غيره حتى يهذبها النقل
فعش وادعا وارفق بنفسك طالبا
فإن حسام الهند ينهكه الصقل
وتمر النفس في دورانها بحالات مختلفة، وتظل كذلك حتى تتطهر - إن كانت صالحة - وبعد هذا التطهير يكون «الدهر» وهو عالم لا قوي فيه ولا ضعيف، يسود فيه العدل، ونظمه كلها واحدة وحكومته كذلك، ولا عذاب ولا شقاء. وقد أشار أبو العلاء إلى هذا بقوله:
ما أحسن الأرض لو كانت بغير أذى
ونحن فيها لذكر الله سكان
أما النفوس الشريرة فتظل معذبة بجميع أنواع العذابات المعروفة، والعذاب الأكبر هو عذاب الضمير، وعذاب الندم على ما فات؛ لأنها لم تنتفع من أدوارها الماضية. أما النفوس الصالحة فتكتسب الجمال، والعمر التام وراحة الضمير، والابتعاد عن الأمراض والمصائب؛ فما هنالك إلا غبطة روحية في «دهر» لا نهاية له، يتغير النظام الأرضي ويحل محله نظام إلهي ويحكمه «الإمام» الممثل بالعقل.
فمن أقوالهم: «الفكرة الإلهية ابتدأت مع إبراهيم كالحبة، وفي عهد المسيح أزهرت، وفي عهد محمد نضجت، ونحن قطفناها.»
ليس للخلود عندهم محل معين، البقاء هنا كما قلنا، وما الجسد إلا وسيلة لإظهار القوى الروحية. الخير يمثل العقل، وبعمل الخير تنفذ إرادة العقل الذي هو «الإمام» وبهذا يكتسب الأجر. وقد قال في هذا أبو العلاء قولا لا التباس فيه:
Shafi da ba'a sani ba