لم أستغرب قول صاحب يتيمة الدهر إنه عرف في معرة النعمان شاعرا ظريفا اسمه أحمد بن سليمان؛ فصاحبنا أبو العلاء ظريف حقا. لا بد هنا من تصفية حساب إحدى مشاكل الرجل؛ فقد توهم الناس حتى الخواص من الأدباء - هدانا الله وإياهم - أن أبا العلاء خلق منزها عن الشهوات، بريئا مما يسميه غيرنا الضعف البشري، لا ينقصه شيء من الكمال في نظرهم، حتى كادوا يجعلونه بمعزل من الغرائز، كأنه غير مركب من لحم ودم.
إن أبا العلاء، أيها الفضلاء - وهذا لا يضير عصمته التي تزعمونها له - قد تغزل كالشعراء؛ لأنه أحب مثلهم - الحب لا يضر يا سادة - وأحس بما أحس به كل مركب من نفس وجسد وله دماغ وقلب، إنه لم يقل عبثا:
أيا دارها بالخيف إن مزارها
قريب ولكن دون ذلك أهوال
وقال أيضا:
أيا جارة البيت الممنع جاره
غدوت ومن لي عندكم بمقيل
لغيري زكاة من جمال فإن تكن
زكاة جمال فاذكري ابن سبيل
وأبو العلاء مدح كالشعراء، وهنأ بالزفاف وغيره مثلهم، ولم يقصر عن أبي الطيب في غلوه وإيغاله، حتى قال لأحد زعماء الشيع يهنئه في عرس:
Shafi da ba'a sani ba