يضحكني ذاك الذي يتساءل: أين عرف أبو العلاء أبيقور؟
وما شأن أبيقور هذا مع أبي العلاء، وعند أبي العلاء الدعوة الفاطمية وعلومها السرية المستقاة من رأس نبع الفلسفة؟ ما حاجة شيخنا إلى الجداول، إلى ترجمة جالينوس لأبيقور؟ ففلسفة اليونان، في عهده، قد تغلغلت في العقائد المشرقية وهضمها علماء المسلمين والشباب المفكر، وكانت تغلي بها الصدور والضمائر، في عصر أبي العلاء، غليان القدر على النار الدائمة، لا فوق نار الحباحب، كما عبر أبو العلاء في الفصول والغايات عن حياته.
العنزة مقتولة والذئب حدها، فما لنا نفتش عن الغريم.
تلك شنشنة نعرفها من أخزم ... يريد أن يزعم أنه اخترع البارود ...
إن فلسفة أبي العلاء، لا بل آراءه كلها نوعان: نوع مستمد، كما قلت سابقا، من الاختبار الإنساني، وهو ما يطلق عليه اسم الفلسفة العامة، وبالاختبار يهتدي كل من في رأسه عقل. ونوع يتجه اتجاها معلوما، ويعبر أو يترجم عن مذهب بعينه هو مذهب الفاطميين؛ فمن نوع الفلسفة العامة قوله:
وأعط أباك النصف حيا وميتا
وفضل عليه في كرامتها الأما
أقلك خفا إذ أقلتك مثقلا
وأرضعت الحولين واحتملت تما
وألقتك عن جهد، وألقاك لذة
Shafi da ba'a sani ba