خير لعمري وأهدى من «إمامهم»
عكاز أعمى هدته إذ غدا السبلا
وتذكر الأعمى «الحبيس» أن ليس كل ضرير يستطيع أن يحكم على نفسه بالحبس المؤبد فتذكر الرحمة، وهي من طبعه وطبع كل عاجز غير مستطيع مثله، فألان جانبه وقال يخاطبهم:
إذا مر أعمى فارحموه ، وأيقنوا،
وإن لم تكفوا، أن كلكم أعمى
ثم ذكر أن الناس يقولون: «اطرد الأعمى واكسر عصاه، ما أنت أدرى من ربه الذي أعماه.» فكيف يطلب منهم الحسنة بالدبوس فيقول لهم: «أنتم عميان مثلي، فلا تغركم عيونكم المفتحة!» ففتش عن تؤدة ورفق فقال:
تصدق على الأعمى بأخذ يمينه
لتهديه، وامنن بإفهامك الصما
حسب المعري أنه يستريح من تكاليف الحياة إذا اعتزل الناس؛ فما انقضت سنة على تلك الرسالة التي وجهها إلى «الجماعة» في المعرة معلنا خطته الجديدة، حتى طار له صيت في الأقطار، والناس يعجبهم كل غريب، فتهافتوا عليه يطلبون عنده العلم في عصر الخفاء والأسرار، يحدوهم إليه قوله الذي ملأ الآفاق:
بني زمني، هل تعلمون سرائرا
Shafi da ba'a sani ba