Ma'arajin Amali
معارج الآمال لنور الدين السالمي- حسب الكتب
Nau'ikan
فيقال لهم: هذا الشكر لو وجب قبل الشرع لكان له فائدة فيه، أم لا فائدة، فإن كان لا فائدة فيه فليس بحسن، وإن كان له فائدة فلا تخلوا إما أن تكون عائدة إلى الرب المشكور وهو غني - سبحانه وتعالى - فالقول بعودها إليه باطل. وإما أن تكون عائدة إلى العبد الشاكر، وعودها إليه إما عاجلا أو آجلا والكل باطل. أما عودها إليه عاجلا فغير ثابت؛ لأنه تعب. وأما عودها إليه آجلا فأمر لا يدرك بالعقل، وإنما أدرك من جهة الشرع خاصة، فبطل ما زعموه من ثبوت الحكم الشرعي بالعقل، واتضح أن الحاكم بذلك هو الشرع، وأن العقل حجة فيما جعله الشرع حجة فيه لا زيادة، والله أعلم.
المسألة الثانية: [في قول المعتزلة إن الحسن والقبح عقليان]
اعلم أن مذهب المعتزلة في القول بتحكيم العقل مبنى على أن الحسن والقبح عقليان، ولا بأس أن نبين وجه ذلك ونبطل ما زعموه من ذلك.
فاعلم أولا أن العلماء قد ذكروا أن الحسن والقبح يطلقان على ثلاثة معان:
الأول: كون الشيء ملائما للطبع ومنافرا له كالحلاوة والمرارة، فالحلو حسن لموافقته الطبع، والمر قبيح لمنافرته للطبع. /87/
والثاني: كونه صفة كمال، وكونه صفة نقصان، فالعلم حسن لكونه كمالا، والجهل قبيح لكونه نقصانا.
والثالث: كون الشيء متعلق المدح عاجلا والثواب آجلا، وكونه متعلق الذم عاجلا والعقاب آجلا، فالطاعة حسنة لتعلق المدح بها آجلا والثواب عاجلا، والمعصية قبيحة لتعلق الذم بها عاجلا والعقاب بها آجلا.
Shafi 163