قد كان النبي ﷺ بالمدينة حين أمر بأن ينتقل عن الصلاة إِلى بيت المقدس، فأمر بأن يصلي إِلى بيت اللَّه الحرام، وقيل في قوله: (ترضاها) قولان قال قوم معناه تحبها، لا أنَّ النبي ﷺ لم يكن راضيًا بتلك القبلة، لأن كل ما أمر الله الأنبياءَ " ﵈ " به فهي - راضية به - وإِنما أحبها النبي ﷺ لأنها كانت - فيما يروى - قبلة الأنبياءِ، وقيل لأنها كانت عنده ادعى
لقومه إِلى الِإيمان.
وقوله ﷿: (فَولِّ وَجْهَكَ شَطْرَ المَسْجِدِ الحَرَامِ)
أي المسجد الحرام، فأمر أن يستقبل - وهو بالمدينة - مكة، والبيت الحرام، وأمر أن يستقبل البيت حيث كان الناس، ومعنى الشطر: النحو.
وشطر منصوب على الظرف.
قال الشاعر:
إِنّ العَسِيرَ بها داءٌ يخامرها. . . فَشَطْرَها نظر العينين محسور
أي فنحوَها، ولا اختلاف بين أهل اللغة أن الشطر النحو، وقول الناس
فلان شاطر، معناه " قد أخذ في نحو غير الاستواءِ، فلذلك قيل شاطر لعدوله
عن الاستواءِ، يقال قد شطر الرجل يشطُر شِطَارة وشَطَارة، ويقال: هؤلاءِ قوم مشاطرونا أي دورهم تتصل بدورنا -، كما تقوِل هؤلاءِ يناحوننا أي نحن نحوهم، وهم نحونا، فلذلك هم شاطرونا.
* * *
وقوله ﷿: (إِلَّا لِنَعْلَمَ مَنْ يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّنْ يَنْقَلِبُ عَلَى عَقِبَيْهِ)