Ma'anin Labarai
مcاني الأخبار
Bincike
محمد حسن محمد حسن إسماعيل - أحمد فريد المزيدي
Mai Buga Littafi
دار الكتب العلمية
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤٢٠هـ - ١٩٩٩م
Inda aka buga
بيروت / لبنان
حَدِيثٌ آخَرُ
قَالَ: ح الشَّيْخُ الْإِمَامُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْحَارِثِيُّ قَالَ: ح خَلَفُ بْنُ عَامِرِ بْنِ سَعِيدٍ الْهَمْدَانِيُّ، وَمُبَارَكُ بْنُ زَيْدٍ الْمُؤَدِّبُ، وَاللَّيْثُ بْنُ خَيْرُونَ النَّجَّارِيُّونَ، قَالُوا: ح يَحْيَى بْنُ جَعْفَرٍ قَالَ: ح الْمُحَارِبِيُّ قَالَ: ح الْفُضَيْلُ بْنُ غَزْوَانَ، عَنْ أَبِي حَازِمٍ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ﵁ قَالَ: أَتَى النَّبِيَّ ﷺ رَجُلٌ، فَقَالَ: يَا نَبِيَّ اللَّهِ أَصَابَنِي الْجَهْدُ، فَأَرْسَلَ إِلَى نِسَائِهِ، فَقُلْنَ، وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا عِنْدَنَا إِلَّا الْمَاءُ، ثُمَّ قَالَ: «أَلَا رَجُلٌ يُضِيفُ هَذَا اللَّيْلَةَ ﵀»، فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْأَنْصَارِ: أَنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ ﷺ قَالَ: فَدَخَلَ عَلَى أَهْلِهِ، فَقَالَ: أَكْرِمِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا عِنْدَنَا إِلَّا قُوتُ الصِّبْيَةِ قَالَ: فَإِذَا أَرَدُوا الْعَشَاءَ، فَنَوِّمِيهِمْ، وَلَا تَذْكُرِي ضَيْفَ رَسُولِ اللَّهِ بِشَيْءٍ، ثُمَّ مُرِّي عَلَى السِّرَاجِ ⦗٢٠٢⦘، فَأَطْفِئِيهِ وَتَعَالَيْ، فَلْنَطْوِ بُطُونَنَا بِضَيْفِ رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَفَعَلَتْ، قَالَ: فَغَدَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ ﷺ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ ﷺ: «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ فُلَانٍ وَفُلَانَةٍ»، فَأَنْزَلَ الْلَّهُ ﷿ فِيهِمَا قَوْلَهُ تَعَالَى: ﴿وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾ [الحشر: ٩] قَالَ الشَّيْخُ ﵀: الْعَجَبُ اسْتِعْظَامُ الشَيْءِ، وَاسْتِكْبَارُهُ لِخُرُوجِهِ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَبُعْدِهِ مِنَ الْعُرْفِ، قَالَ اللَّهُ ﷿ خَبَرًا عَنِ الْجِنَّةِ ﴿إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا﴾ [الجن: ١]، قِيلَ: بَدِيعًا، لَمْ يُسْمَعْ مِثْلُهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ لَمَّا كَانَ خَارِجًا عَنْ أَوْصَافِ كَلَامِ النَّاسِ، وَالْعَمُودِ الْمُعْتَادِ مِنْهُ وَصَفُوهُ بِالْعَجَبِ، وَكُلُّ مَا خَرَجَ مِنَ الْعِبَادَةِ، وَبَعُدَ عَنْ عُرْفِ النَّاسِ اسْتَعْظَمَ ذَلِكَ، فَاللَّهُ ﷿ قَدْ أَعْظَمَ أَشْيَاءَ فِي كِتَابِهِ، فَقَالَ فِي ذِكْرِ الْقِيَامَةِ: ﴿أَلَا يَظُنُّ أُولَئِكَ أَنَّهُمْ مَبْعُوثُونَ لِيَوْمٍ عَظِيمٍ﴾ [المطففين: ٥]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ﴾ [التوبة: ١٢٩]، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿سُبْحَانَكَ هَذَا بُهْتَانٌ عَظِيمٌ﴾ [النور: ١٦]، وَالِاسْتِعْظَامُ مِنَ اللَّهِ تَعَالَى أَنْ يُسَمِّيَ الشَيْءَ عَظِيمًا، وَلَمَّا كَانَ الْعَجَبُ اسْتِعْظَامَ الشَيْءِ وَاسْتِكْبَارَهُ، وَكَانَ التَّعْظِيمُ لِلشَّيْءِ، جَائِزًا عَلَى اللَّهِ ﷿ أَنْ يُوصَفِ اللَّهُ تَعَالَى بِالْعَجَبِ كَمَا وَصَفَهُ بِهِ رَسُولُهُ، وَقَدْ وَصَفَ اللَّهُ تَعَالَى نَفْسَهُ بِصِفَةِ الْعَجَبِ بِقَوْلِهِ: (بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ)، قَرَأَهَا الْأَعْمَشُ، وَحَمْزَةُ، وَالْكِسَائِيُّ، وَجَمَاعَةٌ مِنَ الْقُرَّاءِ بِرَفْعِ التَّاءِ، وَالْقِرَاءَةُ سُنَّةٌ، وَكُلُّ مَا قَرَأَهُ الْقُرَّاءُ الْمَشْهُورُونَ، فَهِيَ مَأْثُورَةٌ عَنِ النَّبِيِّ ﷺ، إِذًا فَقِرَاءَةُ هَذِهِ الْحُرُوفِ بِرَفْعِ التَّاءِ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ قِرَاءَةَ النَّبِيِّ ﷺ، وَقِرَاءَتُهُ تَرَتُّلٌ لِلَّهِ ﷿ لِقَوْلِهِ ﷺ: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ عَلَى سَبْعَةِ أَحْرُفٍ» ⦗٢٠٣⦘ فَالْعَجَبُ إِذًا مِنَ الصِّفَاتِ الَّتِي وَرَدَ بِهَا السَّمْعُ فِي الْكِتَابِ، وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «عَجِبَ اللَّهُ تَعَالَى مِنْ أَقْوَامٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ» فَمَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ: «لَقَدْ عَجِبَ اللَّهُ مِنْ فُلَانٍ، وَفُلَانَةٍ»، يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ قَدْ عَظَّمَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ مِنْهُمَا، وَعَظَّمَهُمَا بِهَذَا الْفِعْلِ، وَعَظَّمَ مِقْدَارَهُمَا، وَأَجَلَّ قَدْرَهُمَا بِمَا فَعَلَاهُ مِنْ بَدِيعِ الْأَمْرِ، وَهُوَ إِيثَارُهُمَا ضَيْفَ نَبِيِّهِ ﷺ عَلَى أَنْفُسِهِمَا، وَهُوَ الْفِعْلُ الْخَارِجُ عَنْ عَادَاتِ النَّاسِ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ: «عَجِبَ اللَّهُ»، أَيْ: قَبِلَ اللَّهُ مِنْهُمَا مَا أَتَيَاهُ، وَرَضِيَ مَا عَمِلَاهُ، وَعَظَّمَ ثَوَابَهُمَا عَلَى مَا فَعَلَاهُ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى التَّعَجُّبِ مِنْهُمَا لِلْمُؤْمِنِينَ، كَأَنَّهُ يَقُولُ: " أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى أَنَّهُمَا أَتَيَا مِنَ الْأَمْرِ الْعَجِيبِ الْبَدِيعِ الَّذِي لَمْ يُجَارِ الْعَادَةُ، فَيَسْتَعْظِمُ ذَلِكَ عَلَى جِهَةِ الْمَدْحِ، لِمَنْ جَاءَ بِهِ، وَالرِّضَا بِهِ، وَالِاسْتِحْسَانِ لَهُ، وَقَدْ يَسْتَعْظِمُ الشَّيْءَ عَلَى جِهَةِ الذَّمِّ لِمَنْ أَتَى بِهِ، وَاسْتِقْبَاحُ ذَلِكَ الْفِعْلِ مِنْهُ، وَالْإِنْكَارُ عَلَى مَنْ فَعَلَهُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾ [الرعد: ٥]، أَنْكَرَ اللَّهُ تَعَالَى ذَلِكَ الْقَوْلَ وَرَسُولُهُ مِنْهُمْ، وَهُوَ أَنَّهُمْ أَنْكَرُوا مَا أَقَرُّوا بِمَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَاسْتَعْظَمُوا عَلَى جِهَةِ الْإِنْكَارِ مَا جَوَّزُوا مَا هُوَ أَعْظَمُ مِنْهُ، وَهُوَ ابْتِدَاءُ الْخَلْقِ مِنَ الْمَاءِ الْمَهِينِ، وَإِخْرَاجُ الشَيْءِ مِنَ الْعَدَمِ إِلَى الْوُجُودِ، وَخَلْقُ الشَيْءِ لَا مِنْ شَيْءٍ، ثُمَّ أَنْكَرُوا عَادَتَهُ بَعْدَ إِفْنَائِهِ، فَاسْتَعَظَمَ اللَّهُ تَعَالَى إِنْكَارَهُمْ ذَلِكَ، فَعَجِبَ رَسُولُهُ جُحُودَهُمْ قُدْرَةَ اللَّهِ ﷿، وَإِنْكَارَهُمْ مَا هُوَ مَوْجُودٌ فِي فِطَرِ الْعُقُولِ وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ ﷺ: «عَجِبَ اللَّهُ مِنْ أَقْوَامٍ يُقَادُونَ إِلَى الْجَنَّةِ بِالسَّلَاسِلِ» أَيْ: أَظْهَرَ عَجَبَ هَذَا الْأَمْرِ لِخَلْقِهِ، وَبَدِيعَ هَذَا الشَّأْنِ، وَهُوَ أَنَّ الْجَنَّةَ الَّتِي أَخْبَرَ اللَّهُ تَعَالَى بِمَا فِيهَا مِنَ النَّعِيمِ الْمُقِيمِ، وَالْعَيْشِ الدَّائِمِ فِيهِ، وَالْخُلُودِ فِي النَّعِيمِ الْمُقِيمِ الَّذِي مِنْ حُكْمِ مَنْ سَمِعَ بِهِ مِنْ ذَوِي الْعُقُولِ، أَنْ يُسَارِعَ إِلَيْهَا، وَيَبْذُلَ مَجْهُودَهُ فِي الْوُصُولِ إِلَيْهَا، وَيَتَحَمَّلَ الْمَكَارِهَ وَالْمَشَقَّاتِ لِيَنَالَهَا، وَهَؤُلَاءِ يَمْتَنِعُونَ عَنْ ذَلِكَ ⦗٢٠٤⦘، وَيَرْغَبُونَ عَنْهَا، وَيَزْهَدُونَ فِيهَا، حَتَّى يُقَادُونَ إِلَيْهَا بِالسَّلَاسِلِ، كَمَا يُقَادُ إِلَى الْمَكْرُوهِ الْعَظِيمِ الَّذِي تَنْفِرُ مِنْهُ الطِّبَاعُ، وَيَأْلَمُ مِنْهُ الْأَبْدَانُ، وَتَكْرَهُهُ النُّفُوسُ. وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى قَوْلِهِ: «عَجِبَ اللَّهُ ﷿ مِنْ أَقْوَامٍ»، أَيْ: رَضِيَ عَنْ أَقْوَامٍ، وَقِيلَ: نَاسًا، وَرَفَعَ أَقْدَارَ عِبَادٍ، وَعَظَّمَ مَرْتَبَةَ مَنْ صِفَتِهِمْ أَنَّهُمْ يُقَادُونَ إِلَى نُعَيْمِ أَنْفُسِهِمْ، وَقَرَّتْ أَعْيُنُهُمْ بِالسَّلَاسِلِ، تَأَبِّيًا مِنْهُمْ عَلَى اللَّهِ تَعَالَى، وَامْتِنَاعًا مِنْهُ، وَنَفْرَةً عَنْهُ، يُخْبِرُ النَّبِيُّ ﷺ أَنَّ اللَّهَ ﷿ يَخْتَارُ مِنْ خَلْقِهِ مَنْ يَشَاءُ، وَيَقْبَلُ مَنْ يُرِيدُ، وَيَصْطَفِي بِعِلْمِهِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ يَكُونُ مِنْهُمْ، وَلَا سَابِقَةٍ تَقَدَّمَتْ مِنْهُمْ، وَيَعُودُ إِلَى الْجَنَّةِ مَنْ يَمْتَنِعُ مِنْهَا، وَيُنْقِذُ مِنَ النَّارِ مَنْ هُوَ عَلَى شَفَا جُرُفٍ مِنْهَا، بَلْ هُوَ مَنْ يَتَهَافَتُ فِيهَا تَهَافُتَ الْفَرَاشِ فِي النَّارِ. قَالَ النَّبِيُّ ﷺ: «مَثَلِي وَمَثَلُكُمْ كَرَجُلٍ اسْتَوْقَدَ نَارًا، فَجَعَلَ الْفَرَاشُ يَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ، فَأَنَا آَخِذٌ بِحُجَزِكُمْ، وَأَنْتُمْ تَتَهَافَتُونَ فِي النَّارِ» وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِيهِ إِخْبَارٌ عَنْ عَظِيمِ فَضْلِ اللَّهِ تَعَالَى، وَجَلِيلِ كَرَمِهِ بَنَى دَارًا، جَعَلَ فِيهَا أَنْوَاعَ النَّعِيمِ، وَمَلَاذَّ النُّفُوسِ، وَقُرَّاتِ الْأَعْيُنِ، وَدَعَا إِلَيْهَا بِأَلْطَفِ دُعَاءٍ، وَبَذَلَهَا بِأَيْسَرِ مُؤْنَةٍ، فَأَعْرَضَ عَنْهَا أَقْوَامٌ، وَأَبَوْهَا، وَنَفَرُوا عَنْهَا، فَقَادَهُمْ إِلَيْهَا بِالسَّلَاسِلِ، فَكَانَ هَذَا فَضْلَهُ وَكَرَمَهُ مَعَ أَمْثَالِ هَؤُلَاءِ، فَكَيْفَ يَكُونُ فَضْلُهُ وَكَرَمُهُ، وَبِرُّهُ، وَإِحْسَانُهُ بِأَقْوَامٍ رَغِبُوا فِي خِدْمَتِهِ، وَتَحَمَّلُوا الْمَشَقَّاتِ، وَالْمَكَارِهَ فِي طَلَبِ مَرْضَاتِهِ، وَسَأَلُوهُ مَا أَعَدَّ لَهُمْ بِأَلْسِنَةِ الِافْتِقَارِ، وَمَدُّوا إِلَيْهِ طَلَبًا أَيْدِيَ الِاضْطِرَارِ، وَاسْتَعَاذُوا بِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ مِنْ عَذَابِهِ الْأَلِيمِ، وَنَارِهِ الَّتِي يَتَهَافَتُ فِيهَا أَقْوَامٌ، فَبَرَّهُمْ عَنْهَا رَحْمَةً عَلَيْهِمْ، وَنَظَرَ إِلَيْهِمْ، فَكَيْفَ يُطْرَحُ فِيهَا مَنْ يَهْرَبُ مِنْهَا، وَيَسْتَعِيذُ بِهِ مِنَ الْوُقُوعِ فِيهَا، أَوْ كَيْفَ يُحْرَمُ مَنْ يَسْأَلُ بِأَلْطَفِ السُّؤَالِ، وَيَطْلُبُ إِلَيْهِ الْمَجْهُودَ مِنْهُ دَارًا يَعُودُ إِلَيْهَا بِالسَّلَاسِلِ مَنْ يَهْرَبُ مِنْهَا، وَيُعْرِضُ عَنْهَا، إِنَّ ذَلِكَ لَا يَلِيقُ بِفَضْلِهِ وَكَرَمِهِ، إِنَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ، وَمَنٍّ كَرِيمٍ، وَالْمُسْتَعَاذُ بِهِ مِنْ شَيْطَانٍ رَجِيمٍ
1 / 201