193

Ma'alamai na Kusanci a Neman Hisba

معالم القربة في طلب الحسبة

Mai Buga Littafi

دار الفنون «كمبردج»

بِالشُّيُوخِ فِي الْوَقَارِ لَا فِي تَبْيِيضِ الشَّعْرِ وَنَهَى عَنْ الْخِضَابِ بِالسَّوَادِ وَقَالَ هُوَ خِضَابُ أَهْلِ النَّارِ، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ الْخِضَابُ بِالسَّوَادِ خِضَابُ الْكُفَّارِ وَتَزَوَّجَ رَجُلٌ عَلَى عَهْدِ عُمَرَ ﵁ وَكَانَ قَدْ خَضَّبَ بِالسَّوَادِ فَنَصَلَ خِضَابُهُ وَظَهَرَ شَيْبُهُ فَرَفَعَهُ أَهْلُ الْمَرْأَةِ إلَى عُمَرَ فَرَدَّ نِكَاحَهُ وَأَوْجَعَهُ ضَرْبًا وَقَالَ غَرَرْت الْقَوْمَ بِالشَّبَابِ وَلَبِسْتَ عَلَيْهِمْ شَيْبَك، وَيُقَالُ أَوَّلُ مَنْ خَضَّبَ بِالسَّوَادِ فِرْعَوْنُ لَعَنَهُ اللَّهُ، وَقَدْ «نَهَى النَّبِيُّ ﷺ عَنْ نَتْفِ الشَّيْبِ وَقَالَ هُوَ نُورُ الْمُؤْمِنِينَ» وَرَدَّ عَمْرُو بْنُ أَبِي لَيْلَى شَهَادَةَ مَنْ كَانَ يَنْتِفُ الشَّيْبَ مِنْ لِحْيَتِهِ وَيُؤَدِّبُ مَنْ تَصَنَّعَ بِهِ لِلنِّسَاءِ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ الْخِضَابِ بِالْحِنَّاءِ وَالْكَتَمِ. وَأَمَّا مَا طَالَ مِنْ اللِّحْيَةِ، فَقَدْ اخْتَلَفُوا فِيمَا طَالَ مِنْهَا فَقِيلَ يَقْبِضُ الرَّجُلُ عَلَى لِحْيَتِهِ وَيَأْخُذُ مَا تَحْتَ الْقَبْضَةِ، وَلَا بَأْسَ بِهِ، فَقَدْ فَعَلَهُ ابْنُ عُمَرَ وَجَمَاعَةٌ مِنْ التَّابِعِينَ وَاسْتَحْسَنَهُ ابْنُ سِيرِينَ وَالشَّعْبِيُّ وَكَرِهَهُ الْحَسَنُ وَقَتَادَةُ وَقَالُوا تَرْكُهُ أَحَبُّ إلَيْنَا لِقَوْلِهِ ﷺ: «أَعْفُوا اللِّحَى» وَالْأَمْرُ فِي هَذَا قَرِيبٌ إذَا لَمْ تَنْتَهِ إلَى تَنْقِيصِ اللِّحْيَةِ وَتَدْوِيرِهَا مِنْ الْجَوَانِبِ، فَإِنَّ الطُّولَ الْمُفْرِطَ قَدْ يُشَوِّهُ الْخِلْقَةَ وَيُطْلِقُ أَلْسِنَةَ الْمُغْتَابِينَ، وَلَا بَأْسَ بِالِاحْتِرَازِ عَنْهُ، قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ عَجِبْتُ لِرَجُلٍ عَاقِلٍ طَوِيلِ اللِّحْيَةِ كَيْفَ لَا يَأْخُذُ مِنْ لِحْيَتِهِ فَجَعَلَهَا لِحْيَتَيْنِ، فَإِنَّ التَّوَسُّطَ فِي كُلِّ شَيْءٍ حَسَنٌ وَلِذَلِكَ قِيلَ كُلَّمَا طَالَتْ اللِّحْيَةُ تَكَوْسَجَ الْعَقْلُ. الثَّانِي: شَعْرُ الشَّارِبِ، وَقَدْ قَالَ ﷺ: «قُصُّوا الشَّارِبَ»، وَفِي لَفْظٍ آخَرَ: «حُرُّوا الشَّارِبَ وَاعْفُوا اللِّحَى»، وَلَا بَأْسَ بِتَرْكِ السَّالَّيْنِ وَهُمَا طَرَفَا الشَّارِبِ، فَقَدْ فَعَلَ ذَلِكَ عُمَرُ وَغَيْرُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَسْتُرُ الْفَمَ، وَلَا يُبْقِي فِيهِ عُمْرُ الطَّعَامَ إذْ لَا يَصِلُ إلَيْهِ. وَقَوْلُهُ: اُعْفُوَا اللِّحَى أَيْ كَثِّرُوهَا، وَفِي الْخَبَرِ أَنَّ الْيَهُودَ يَعْفُونَ شَوَارِبَهُمْ وَيَقُصُّونَ لِحَاهُمْ

1 / 198