Tare da Kiɗa: Tunanin da Nazari
مع الموسيقى: ذكريات ودراسات
Nau'ikan
Rameau
حتى سترافنسكي
Stravinsky .
وفيما بين تلك التجارب البدائية الساذجة، وذلك الفن الرفيع - فن الباليه - نجد الارتباط بين الرقص والموسيقى يتمثل بأوضح صورة في دقات الأرجل التي تصاحب بها الأنغام ذات الإيقاع المنتظم، وفي تحركات الأيدي وتمايل الجسم، التي يعبر بها المستمع عن انسجامه بالموسيقى وتجاوبه معها. وربما كان الأهم من ذلك حركات قائد الأوركسترا التي هي في شكلها الظاهر نوع من الرقص، ولكنها في باطنها موسيقى متحركة في المكان، وفي صميمها إيقاع ولحن وتوافق نغمي. إنها حركات جسمية ومادية، ولكنها تهفو إلى عالم روحي خالص، ومن هنا كانت حلقة اتصال بين المادة والروح، ومحاولة للتعبير عن الماهية الروحية لفن نقي مجرد، عن طريق الجسم الملموس والمنظور. وهي أيضا حلقة اتصال بين الإيقاع الزمني والمكاني؛ إذ إن إشارات اليد والجسم تتم في المكان، وتشغل حيزا منه، ولكنها في الوقت ذاته تنظم مسرى الأنغام في الزمان وتنفذ إلى أعماق المعنى الباطن للموسيقى الذي لا يتصل بعالم المكان والمادة من قريب ولا من بعيد. •••
وهكذا يتبين لنا من المقارنة السابقة مدى تعدد جوانب الموسيقى وتنوع علاقاتها بالفنون الأخرى، كما يكشف عنه الإيقاع في الموسيقى وفي سائر الفنون. إنها تتفق مع التصوير في إيقاع صامت يميز الأخير، وتخضع لنفس قواعد البناء التي يخضع لها فن المعمار، وتستعير من الرقص رشاقته وانتظام خطواته، وتكتسب من جرس الشعر لحنا، فضلا عن أنها تستلهم مواجد التصوف حينا، وأحاسيس الجنس والجسد حينا آخر. إنها، بالاختصار، تبدو محاولة كبرى لتحقيق الوحدة في الإنسان، وتصل في ذلك إلى أعماق في النفس لا يعرفها ولا يبلغها فن غيرها.
على أن هذه الروابط التي تجمع بين الموسيقى وسائر الفنون قد أصبحت، في الموسيقى العالمية، صفات باطنة تؤلف جزءا لا يتجزأ من طبيعة هذا الفن العظيم، أو هي بعبارة أخرى، روابط داخلية وليست روابط خارجية يستعير عن طريقها هذا الفن خصائص يفتقر إليها من فنون غيره. وبهذا بلغت الموسيقى العالمية حدا من التعقد وتنوع الجوانب جعلها فنا مكتفيا بذاته إلى حد بعيد. من أجل ذلك، ونتيجة لما تقتضيه من جهد وانتباه من السامع، كان من الصعب في نظر الكثيرين أن تتحد هذه الموسيقى المتكاملة المكتفية بذاتها مع أي فن آخر من أجل خلق وحدة حقيقية؛ فهناك كثيرون لا يرضون عن محاولات الإدماج الحالية بين الموسيقى وبين فنون أخرى كالأوبرا والسينما والباليه؛ ذلك لأن الجانب البصري من العرض يشتت الذهن ويصرفه عن الموسيقى التي يستحيل أن تكون مجرد أداة للترفيه (إلا في أنواع ك «الأوبريت» الخفية مثلا؛ حيث يستطيع المشاهد بسهولة أن يوزع انتباهه بين المرئي والمسموع) وربما لم تكن لدينا القوة الروحية التي تساعدنا على استيعاب فن قوامه تعبيرات متعددة وعميقة في آن واحد. بل إن من الجائز ألا يكون التآزر بين حواسنا كاملا إلى الحد الذي يسمح بأن تستمتع الأذن والعين معا، وبقدر متساو من العمق، بالعرض الذي يجمع بين الموسيقى وبين التمثيل والغناء أو الرقص.
ومن هنا كان من حق المرء أن يتساءل (على المستوى النظري على الأقل): وما الداعي إلى هذا التآزر ما دامت الموسيقى تبعث فينا متعة كاملة؟ هل يستطيع أي فن آخر أن يضيف شيئا، أو يزيد شيئا، على التأثير الذي تحدثه سيمفونية كبيرة مثلا؟ ألسنا نجد فيها عالما كاملا يشتمل على كل عناصر المتعة الجمالية، حتى العنصر التشكيلي ذاته؟ وبعبارة أخرى، فإذا كانت الدراما الإغريقية قد نجحت في الجمع بين العناصر الفنية كلها في مركب واحد، فهل يحتاج العصر الحديث إلى إحيائها في الوقت الذي تستطيع فيه الموسيقى وحدها أن توفق بين هذه العناصر؟ تلك مسألة كان للموسيقي الألماني الكبير «ريشارد فاجنر» فيها رأي خاص، ناقشناه في كتاب آخر من هذه السلسلة («ريشارد فاجنر»، المكتبة الثقافية، رقم 134، ص102-117).
الإيقاع في التاريخ وبين الشعوب
إذا رجعنا في الزمان إلى المراحل القديمة للمدنية، وجدنا الإيقاع الموسيقي يرتبط بأصلين لكل منهما طبيعة تناقض طبيعة الآخر؛ فهو من جهة يرتبط بالشعائر والطقوس الدينية، ويكون جزءا لا يتجزأ من مظاهر العبادة أو من الطقوس السحرية التي تحل محلها. وهو من جهة أخرى يرتبط بأداء العمل الجسمي اليومي، وبالحركات الجسمية التي يؤديها الناس أثناء قيامهم بمختلف الأعمال المادية. وهكذا يتضافر الأصل الروحي مع الأصل المادي في تحديد منشأ الإيقاع منذ أقدم العصور.
ولو تأملنا المجموعات الرئيسية التي تنقسم إليها البشرية، لوجدنا أن نظرتها إلى الإيقاع، ومكانة الإيقاع بين فنونها، تختلف إلى حد بعيد؛ إذ يحتل الإيقاع المكانة الأولى بين عناصر الموسيقى جميعا لدى الشعوب الزنجية. وفي الشعوب الشرقية تظل للإيقاع مكانة كبرى، ولكن اللحن
Shafi da ba'a sani ba