ﷺ أن خير القرون قرنه مطلقا، وذلك يقتضي تقديمهم في كل باب من أبواب الخير، وإلا لكانوا خيرا من بعض الوجوه، فلا يكونون خير القرون مطلقا، ثم هذا يتعدد في مسائل عدة، لأن من يقول ليس بحجة، يجوز عنده أن يكون من بعدهم أصاب في كل مسألة قال فيها الصحابي قولا، ولم يخالفه صحابي آخر، وهذا يأتي في مسائل كثيرة تفوق العد والإحصاء.
الوجه الخامس عشر:
ما روى مسلم في صحيحه من حديث أبي موسى، قال: "صليت المغرب مع رسول الله ﷺ فقلنا: لو جلسنا حتى نصلي معه العشاء، جلسنا، فخرج علينا، قال: ما زلتم هاهنا؟ قلنا: يا رسول الله صلينا معك المغرب، ثم جلسنا حتى نصلي معك العشاء، قال: أحسنتم وأصبتم ورفع رأسه إلى السماء، وكان كثيرا ما يرفع رأسه إلى السماء، فقال: النجوم أمنة للسماء، فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي، فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي، فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون" ١ ووجه الاستدلال بالحديث أنه جعل نسبة أصحابه إلى من بعدهم كنسبته إلى أصحابه، ومعلوم أن هذا يعطي من وجوب الاهتداء بهم ما هو نظير اهتدائهم بنبيهم ﷺ ونظير اهتداء أهل الأرض بالنجوم. وأيضا فإنه جعل بقاءهم بين الأمة أمنة لهم وحرزا من الشر وأسبابه.
_________
١ مسلم: فضائل الصحابة (٢٥٣١)، وأحمد (٤/٣٩٨) .
1 / 21