Mabarhanat Firma Akhira

Zahra Sami d. 1450 AH
96

Mabarhanat Firma Akhira

مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون

Nau'ikan

أكبر من 2.

وإذا كانت المبرهنة الأخيرة خاطئة في واقع الأمر، فسوف يكون من الممكن إثبات ذلك بتحديد حل لها (مثال مضاد). ومن ثم؛ فسوف تكون المبرهنة الأخيرة قابلة للحسم. إن كونها خاطئة يتعارض مع كونها غير قابلة للحسم. أما إذا كانت المبرهنة الأخيرة صحيحة، فليس من المؤكد أن تكون هناك طريقة جلية لإثبات ذلك، أي إنها قد تكون غير قابلة للحسم. موجز القول إن مبرهنة فيرما الأخيرة قد تكون صحيحة، لكن ربما لا توجد طريقة لإثباتها. (3) القوة القهرية للفضول

لقد أدت الملاحظات السريعة التي تركها بيير دو فيرما في كتاب «أريثميتيكا»، إلى الأحجية الأكثر إغاظة في التاريخ. وبالرغم من مرور ثلاثة قرون من الفشل الذريع، واقتراح جودل أن علماء الرياضيات ربما يبحثون عن برهان لا وجود له، ظل بعض علماء الرياضيات ينجذبون للمسألة. لقد كانت المبرهنة الأخيرة غانية تغوي إليها العباقرة، لتحطم آمالهم فحسب. كان أي رياضي ينخرط في مبرهنة فيرما الأخيرة يخاطر بإهدار حياته المهنية، لكن من يتمكن من تحقيق الإنجاز الأساسي سيذكر في التاريخ أنه قد حل أصعب مسألة في العالم.

لقد ظلت أجيال من علماء الرياضيات مهووسة بمبرهنة فيرما الأخيرة لسببين. أولهما هو إحساس المنافسة العنيف. لقد كانت مبرهنة فيرما الأخيرة هي الاختبار الأصعب، ومن يتمكن من إثباتها، يكون قد نجح فيما فشل فيه كوشي وأويلر وكومر والكثيرون جدا غيرهم. فمثلما كان فيرما نفسه يستمتع كثيرا بحل المسائل التي كانت تحير معاصريه، كان من يتمكن من إثبات المبرهنة الأخيرة سيستمتع بحقيقة أنه حل مسألة قد حيرت المجتمع الرياضي بأكمله على مدى مئات الأعوام. وثاني هذه الأسباب أنه أيا من كان سيتغلب على تحدي فيرما، فإنه سيستمتع بشعور الرضا البريء الذي ينبع من حل أحجية. إن البهجة المستمدة من حل الأسئلة ذات الطبيعة الغامضة في نظرية الأعداد، لا يختلف كثيرا عن شعور الفرحة البسيطة المستمد من حل أحاجي سام لويد التافهة. لقد قال لي أحد علماء الرياضيات ذات مرة، إن السرور الذي كان يستمده من حل المسائل الرياضية، شبيه بذلك الذي يشعر به مدمنو حل الكلمات المتقاطعة. إن التوصل إلى التلميح الأخير في أحد أحاجي الكلمات المتقاطعة الصعبة، دائما ما يولد لدى المرء شعورا بالرضا، فما بالك بشعور الإنجاز الذي يشعر به المرء بعد قضاء سنوات في حل أحجية لم يتمكن أحد سواه في العالم على الإطلاق من حلها، والتوصل بعد ذلك إلى الحل.

وهذان السببان هما ما جعلا أندرو وايلز مولعا بفيرما: «إن علماء الرياضيات البحتة يحبون التحديات فحسب. فهم يحبون المسائل التي لم يتوصل أحد إلى حلها. وممارسة الرياضيات تمنح المرء مثل تلك المشاعر الرائعة. ففي بداية الأمر، تجد مسألة تثير حيرتك. لا تفهمها بسبب تعقيدها البالغ، ولا تستطيع أن تفهم منها أي شيء على الإطلاق. غير أنك حين تتمكن من حلها أخيرا، يعتريك هذا الشعور المذهل بمدى جمالها وتناسقها معا بأناقة شديدة. أما المسائل الأكثر خداعا فهي تلك التي تبدو سهلة، ثم يتضح أنها شديدة التعقيد. ومبرهنة فيرما هي أجمل مثال على ذلك. لقد كانت تبدو أن لها حلا بالتأكيد، ومما يزيد من تميزها أن فيرما قال إنه قد توصل إلى الحل.»

للرياضيات تطبيقاتها في العلوم والتكنولوجيا، لكن ذلك ليس هو ما يحفز علماء الرياضيات. فما يلهمهم هو بهجة الاكتشاف. لقد حاول جي إتش هاردي أن يقدم تفسيرا وتبريرا لحياته المهنية في كتاب بعنوان «اعتذار عالم رياضيات»، وقد ساقه فيما يلي:

لن أقول إلا أنه إذا كانت معضلة الشطرنج «عديمة الجدوى» بالمعنى البدائي، فإن الأمر نفسه ينطبق على الجزء الأكبر من الرياضيات ... إنني لم أقم بشيء «مجد» قط. ما من اكتشاف توصلت إليه كان له أي تأثير طفيف مباشر أو غير مباشر، بالإيجاب أو بالسلب على مرافق العالم، وليس من المحتمل أيضا أن يكون له. وفقا لجميع المعايير العملية، فإن قيمة حياتي الرياضياتية تساوي صفرا، وهي تافهة على أي حال فيما لا يتعلق بالرياضيات. وليس لي من مهرب من الحكم بالتفاهة التامة إلا أن يرى أنني قد ابتكرت شيئا يستحق الابتكار. ولا شك بأنني قد ابتكرت شيئا، لكن التساؤل يتعلق بقيمته.

إن الرغبة الكامنة وراء إيجاد حل لإحدى المسائل الرياضية، غالبا ما تكون مدفوعة بحب الاستطلاع، وصحيح أن الجائزة بسيطة، لكن ثمة شعورا هائلا بالرضا ينبع من حل أي أحجية. لقد قال عالم الرياضيات إي سي تيتشمارش ذات مرة: «ربما لا توجد أي فائدة عملية لمعرفتنا أن

π

عدد غير نسبي، لكننا إذ عرفنا، فسوف يكون عدم المعرفة أمرا لا يحتمل دون شك.»

Shafi da ba'a sani ba