Mabarhanat Firma Akhira

Zahra Sami d. 1450 AH
73

Mabarhanat Firma Akhira

مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون

Nau'ikan

versiera Agnesi

إلى الإنجليزية على نحو خاطئ باسم «مشعوذة أنيزي»، وبمرور الوقت صارت عالمة الرياضيات تعرف بالاسم نفسه.

وبالرغم من أن علماء الرياضيات في جميع أنحاء أوروبا كانوا يعترفون بقدرات أنيزي، فقد رفضت العديد من المؤسسات الأكاديمية، لا سيما الأكاديمية الفرنسية، أن تمنحها منصبا بحثيا. استمر التمييز المؤسسي ضد النساء حتى القرن العشرين، حين حرمت إيمي نويثر، التي وصفها أينشتاين بأنها «أكثر شخص عبقري ومبدع في الرياضيات قد ظهر منذ أن بدأت النساء في تلقي التعليم العالي»، منصب محاضر في جامعة جوتينجن. وقد حاججت غالبية أعضاء الكلية بما يلي: «كيف يمكن السماح لامرأة بأن تصبح محاضرة؟ وإذا أصبحت محاضرة، فسوف يمكن أن تحظى بمنصب بروفيسور أو تصبح عضوا في المجلس الأعلى للجامعة ... ماذا سيكون رأي جنودنا حين يعودون إلى الجامعة ويجدون أنهم يتعلمون تحت قدمي امرأة؟» وقد أجاب صديقها ومرشدها، ديفيد هيلبرت: «أيها السادة، لست أرى أن جنس إحدى المرشحات حجة تساق ضد قبولها في منصب محاضر. فالمجلس ليس بالحمام بالرغم من كل شيء.»

وقد سئل زميلها، إدموند لاندو، بعد ذلك عما إذا كانت من عالمات الرياضيات العظيمات، وهو ما أجاب عنه بقوله: «يمكنني أن أشهد بأنها عالمة رياضيات عظيمة، أما عن كونها امرأة، فهذا ما لا أستطيع الجزم به.»

وإضافة إلى ما عانته من التمييز، فقد كانت نويثر تشترك في الكثير مع غيرها من عالمات الرياضيات على مدى القرون، ومن ذلك أنها هي أيضا كانت ابنة لأستاذ في الرياضيات. إن العديد من علماء الرياضيات، من كلا النوعين، ينحدرون من عائلات تهتم بالرياضيات؛ مما يفضي إلى الشائعات المازحة بشأن وجود جين رياضي، غير أن النسبة في النساء أعلى كثيرا. والتفسير المحتمل لذلك هو أن معظم النساء اللائي كن يتمتعن بتلك الملكة، لم يتعرضن للمجال قط أو يشجعن على دراسته، أما أولئك اللائي ولدن لآباء من أساتذة الرياضيات، فلم يكن من الممكن أن يتجنبن الانغماس في عالم الأعداد. علاوة على ذلك، فإن نويثر تشترك مع هيباتيا وأنيزي ومعظم عالمات الرياضيات الأخريات في أنهن لم يتزوجن قط، ويعود السبب في ذلك بصفة كبيرة إلى أن عمل النساء في مثل هذه المهن لم يكن بالأمر الذي يقبله المجتمع، وقليل من الرجال هم الذين كانوا على استعداد لأن يتزوجوا من نساء ينتمين إلى مثل تلك الخلفيات المثيرة للجدل. أما عالمة الرياضيات الروسية العظيمة، سونيا كوفاليفسكي، فهي استثناء لهذه القاعدة؛ إذ إنها رتبت زواجا صوريا مع فلاديمير كوفاليفسكي، الذي وافق على العلاقة الأفلاطونية. لقد أتاح هذا الزواج للطرفين الهروب من عائلتيهما، والتركيز على أبحاثهما، ثم إن سفر سونيا في أوروبا وحدها قد صار أسهل كثيرا فور أن أصبحت سيدة متزوجة مبجلة.

من بين جميع البلدان الأوروبية ، كانت فرنسا هي الأكثر تعصبا تجاه النساء المتعلمات؛ إذ أعلنت أن الرياضيات لا تناسب النساء وتفوق قدراتهن الذهنية. وبالرغم من أن صالونات باريس قد سادت عالم الرياضيات في جل القرنين الثامن عشر والتاسع عشر، فلم تتمكن سوى امرأة واحدة من الإفلات من قيود المجتمع الفرنسي، وأن تصبح من العالمات العظيمات في نظرية الأعداد. لقد أحدثت صوفي جيرمان ثورة في مجال دراسة مبرهنة فيرما الأخيرة، وأسهمت فيها بقدر أكبر مما أسهمه أي من الرجال الذين حاولوا قبلها.

ولدت صوفي جيرمان في الأول من أبريل عام 1776، لتاجر فرنسي يدعى أمبرواز فرانسوا جيرمان. وخارج نطاق عملها، تحكمت في حياتها أهوال الثورة الفرنسية؛ فقد سقط سجن الباستيل في العام الذي اكتشفت فيه حبها للأعداد، وكانت دراستها للتفاضل والتكامل في ظلال «عهد الذعر». وبالرغم من أن أباها كان ثريا، فلم تكن عائلة صوفي من الطبقة الأرستقراطية.

وبالرغم من أن النساء اللائي ينتمين إلى الخلفية الاجتماعية التي كانت جيرمان تنتمي إليها، لم يكن يشجعن على دراسة الرياضيات، فقد كان ينبغي عليهن أن يتمتعن بقدر كاف من المعرفة بها كي يتمكن من مناقشة الأمر إن طرح في محادثة مهذبة. ومن أجل هذا الغرض، كتبت مجموعة من الكتب الدراسية كي تساعد الشابات على الإلمام بآخر التطورات في الرياضيات والعلوم. فألف فرانشيسكو ألجروتي كتاب «شرح فلسفة السير إسحاق نيوتن للنساء». ولأن ألجروتي كان يرى أن النساء لا يثير اهتمامهن سوى الحب؛ فقد حاول شرح اكتشافات نيوتن عن طريق حديث الغزل بين ماركيزة ومحاورها. فعلى سبيل المثال، يصف المحاور قانون التربيع العكسي لقوة الجاذبية، وعندئذ تعطي الماركيزة تأويلها لهذا القانون الجوهري في الفيزياء: «لا يسعني سوى أن أفكر ... أن هذا التناسب في تربيع مسافات الأماكن، يرى حتى في الحب. ومن ثم؛ فبعد ثمانية أيام من الغياب، يصبح الحب أقل بمقدار أربع وستين مما كان عليه في اليوم الأول.»

ولا عجب أن هذا النوع الغزلي من الكتب، لم يكن مسئولا عن إشعال اهتمام صوفي جيرمان بالرياضيات. أما الحدث الذي غير حياتها ، فقد وقع ذات يوم حين كانت تستعرض الكتب في مكتبة أبيها وصادفت كتاب جان إيتيان مونتوكلا الذي يدعى «تاريخ الرياضيات». وكان الفصل الذي أسر خيالها هو مقال مونتوكلا عن حياة أرشميدس. لقد كانت روايته لاكتشافات أرشميدس شيقة بالتأكيد، لكن ما أثار افتتانها بالتحديد، هو القصة التي تدور عن وفاته. لقد قضى أرشميدس حياته في سرقوسة يدرس الرياضيات في هدوء نسبي، غير أن هذا السلام قد تهشم وهو في آخر السبعينيات من عمره مع غزو الجيش الروماني. تقول الأسطورة إنه في أثناء الغزو، كان أرشميدس منهمكا للغاية في دراسة شكل هندسي على الرمال حتى إنه لم يجب على جندي روماني كان يسأله. ونتيجة لهذا، فقد طعن ومات.

وقد استنتجت جيرمان من هذه القصة أنه إذا انهمك أحدهم في مسألة هندسية بالقدر الذي يمكن أن يؤدي إلى وفاته؛ فلا بد أن الرياضيات هي أكثر موضوع أخاذ في العالم. بدأت على الفور في تعليم نفسها مبادئ نظرية الأعداد وحساب التفاضل والتكامل، وسرعان ما صارت تسهر الليل تدرس أعمال أويلر ونيوتن. وقد كان هذا الاهتمام المفاجئ بمثل ذلك الموضوع غير الأنثوي سببا في قلق والديها. لقد ذكر أحد أصدقاء عائلتها، وهو الكونت جوليالمو ليبري كاروتشي دالا سومايا، كيف أن والد صوفي قد صادر شموعها وملابسها وأزال أي مصدر للتدفئة كي يثنيها عن الدراسة. وبعد ذلك ببضع سنوات فقط في بريطانيا، ستصادر أيضا شموع عالمة الرياضيات الشابة، ماري سمرفيل، على يد والدها الذي كان يرى أنه «لا بد من وضع حد لهذا الأمر، وإلا فسوف نجد ماري في مصحة عقلية ذات يوم.»

Shafi da ba'a sani ba