Mabarhanat Firma Akhira
مبرهنة فيرما الأخيرة: المعضلة التي حيرت عباقرة الرياضيات لقرون
Nau'ikan
في عام 1977، أدرك رونالد ريفست وعدي شامير وليونارد أدلمان، وهم فريق من علماء الرياضيات وعلماء الكمبيوتر في معهد ماساتشوستس للتقنية، أن الأعداد الأولية هي الأساس المثالي لعملية تشفير سهل وفك تشفير صعب. فلكي أصنع مفتاحي الخاص، سأختار اثنين من الأعداد الأولية الضخمة، على ألا يقل الواحد منهما عن 80 رقما، ثم أضربهما معا لكي أتوصل إلى عدد أكبر غير أولي. وكل ما يستلزمه تشفير الرسائل هو معرفة العدد غير الأولي الضخم، أما عملية فك التشفير فتستلزم معرفة العددين الأوليين الأصليين اللذين ضربا معا، وهما يعرفان باسم العاملين الأوليين. يمكنني الآن أن أنشر العدد غير الأولي الضخم: النصف الخاص بالتشفير، وأحتفظ لنفسي بالعاملين الأوليين: النصف الخاص بفك التشفير. فالمهم أنه بالرغم من معرفة الجميع للعدد غير الأولي الضخم، أنهم سيواجهون صعوبة هائلة لمعرفة العاملين الأوليين.
ولنتناول مثالا أسهل، يمكنني أن أختار العدد غير الأولي 589، الذي سيمكن الجميع من تشفير الرسائل إلي. وسأحتفظ بالعاملين الأوليين للعدد 589 سرا؛ كي لا يتمكن أحد من فك تشفير الرسائل سواي. وإذا تمكن آخرون من التوصل إلى العاملين الأوليين، فسيتمكنون هم أيضا من فك شفرة رسائلي، لكن العاملين الأوليين غير واضحين حتى في هذا العدد الصغير. وفي هذه الحالة، لن يستغرق الأمر سوى بضع دقائق على الكمبيوتر لمعرفة أن العاملين الأوليين هما 31 و19 (31 × 19 = 589)، ومن ثم؛ فإن مفتاحي لن يظل آمنا لمدة طويلة.
بالرغم من ذلك، فالعدد غير الأولي الذي يمكن أن أنشره في الواقع، لن يقل عن مائة رقم، مما يجعل من مهمة اكتشاف عامليه الأوليين أمرا مستحيلا بالفعل. والسبب في ذلك أنه حتى مع استخدام أقوى أجهزة الكمبيوتر لقسمة هذا العدد غير الأولي الضخم (مفتاح التشفير) إلى عامليه الأوليين (مفتاح فك التشفير)، فإن الأمر سيستغرق سنوات عدة للتوصل إلى الإجابة. ومن ثم؛ فكل ما سيكون علي فعله لإحباط محاولات الجواسيس الأجانب هو تغيير مفتاحي بصفة سنوية. في كل عام، أعلن العدد غير الأولي العملاق الذي اخترته، وسيكون على كل من يرغب في محاولة فك تشفير رسائلي أن يبدأ من جديد في محاولة حساب العاملين الأوليين.
وإضافة إلى الدور الذي تؤديه الأعداد الأولية في الجاسوسية، فهي تظهر أيضا في العالم الطبيعي. فحشرة الزيز الدورية، التي تشتهر باسم «ماجيسيكادا سبتنديسيم»
Magicicada septendecim ، تتسم من بين جميع الحشرات، بأطول دورة حياة. تبدأ دورة حياتها الفريدة تحت الأرض، حيث تمتص الحوريات العصارة من جذور الأشجار بصبر. وبعد 17 عاما من الانتظار، تنبثق حشرات الزيز البالغة من الأرض وتطير في أسرابها بأعداد كبيرة، وتمتلئ الأرض بها لمدة مؤقتة. وفي غضون أسابيع قليلة، تتزاوج وتضع بيضها وتموت.
أما السؤال الذي كان يحير علماء الأحياء بشأنها فهو: ما السبب في طول دورة حياة الزيزيات إلى كل هذه المدة؟ أثمة دلالة لطول هذه الدورة الذي يتمثل في عدد أولي من السنوات؟ فثمة نوع آخر يعرف باسم «ماجيسيكادا تريديسيم»
Magicicada tredecim ، تطير في أسرابها كل 13 عاما؛ مما يوحي بأن امتداد دورات الحياة لعدد أولي من السنوات يوفر ميزة تطورية ما.
تقترح إحدى النظريات أن لحشرات الزيز طفيليا يتسم هو أيضا بدورة حياته الطويلة، وتحاول حشرات الزيز تجنبه. إذا افترضنا مثلا أن دورة حياة الطفيلي تبلغ سنتين، فسوف ترغب حشرات الزيز في تجنب أن يكون طول دورة حياتها يقبل القسمة على 2، وإلا فسوف يتزامن وجود الزيزيات والطفيلي معا بانتظام. وأيضا إذا كانت دورة حياة الطفيلي تبلغ 3 سنوات، فسوف ترغب الزيزيات في تجنب أن يكون طول دورة حياتها يقبل القسمة على 3، وإلا فسوف يتزامن وجود الطفيلي والزيزيات معا بانتظام. وفي نهاية المطاف، لكي تتجنب الزيزيات اللقاء بطفيليها، فإن أنسب استراتيجية لها هي أن يبلغ طول دورة حياتها عددا أوليا من السنوات. فنظرا إلى أن العدد 17 لا يقبل القسمة على شيء؛ فنادرا ما تلتقي «ماجيسيكادا سبتنديسيم» بطفيليها. إذا كانت دورة حياة الطفيلي تبلغ سنتين، فلن يلتقيا إلا كل 34 عاما، وإذا كانت أطول من ذلك، 16 عاما على سبيل المثال، فلن يلتقيا إلا كل 272 عاما (16 × 17).
ولكي يتمكن الطفيلي من المقاومة، لن يكون لديه سوى دورتين سيزيدان من تواتر التزامن: الدورة السنوية، والدورة التي تبلغ 17 عاما مثل الزيزيات. غير أن الطفيلي لن يتمكن على الأرجح من البقاء حيا مع الظهور على مدى 17 عاما متوالية؛ فأول 16 مرة من مرات الظهور لن تتزامن مع وجود الزيزيات. ومن الناحية الأخرى، فلكي تبلغ دورة حياة الطفيلي 17 عاما، سينبغي أولا أن تتطور أجيال الطفيلي على مدى دورة الحياة التي تبلغ 16 عاما. ومعنى هذا أنه في مرحلة ما من التطور، لن يتزامن وجود الطفيلي مع الزيزيات لمدة 272 عاما! وفي أي من الحالتين، فإن دورة حياة الزيزيات التي تمتد على مدى عدد أولي من السنوات، تحميها.
وقد يكون هذا هو السبب في أن هذا الطفيلي المزعوم لم يكتشف قط! ففي سباقه للحاق بالزيزيات، ظل الطفيلي على الأرجح يطيل من دورة حياته إلى أن وصلت إلى حاجز الستة عشر عاما. وقد عجز بعد ذلك عن التزامن معها على مدى 272 عاما، وبحلول ذلك الوقت كان عدم التزامن مع الزيزيات قد أدى إلى انقراضه. والنتيجة هي أن دورة حياة الزيزيات قد بلغت 17 عاما؛ وهو ما لم تعد في حاجة إليه إذ انقرض الطفيلي. (3) السيد لو بلو
Shafi da ba'a sani ba