Muhawarar Kimiyya da Zamantakewa
مباحث علمية واجتماعية
Nau'ikan
إذا لم يكن غير الأسنة مركبا
فلا يسع المضطر إلا ركوبها
وأفضل الوسائل لتخفيف ويلات المرضى، خصوصا الفقراء منهم، إقامة المستشفيات الكثيرة في كل مدينة. وهذه المسألة إذا نظرنا إليها في بلاد مصر خصوصا وجدنا الحكومة والهيئة الاجتماعية مقصرتين فيها كثيرا؛ فإن المستشفيات الموجودة، صورة لا معنى، هي دون ما تدعو إليه الحاجة بكثير. فإن عدد الأطفال، حتى لا نتكلم إلا عن قسم من أقسام الهيئة الاجتماعية، الذين يموتون، والذين تصيبهم العاهات بسبب الأمراض الكثيرة وقلة الاعتناء، لا نبالغ إذا قلنا إنه يتجاوز الثمانين في المائة، فلو وجدت مستشفيات للأطفال مثلا كافية وافية لهبط هذا العدد كثيرا، وهبوطه ربح للحكومة والهيئة الاجتماعية. فالخطأ في هذه المسألة من وجهين: خطأ من جهة الاقتصاد السياسي، وخطأ من جهة الإنسانية؛ لأنه على صحة هؤلاء الأطفال وكثرة عددهم تتوقف ثروة كل أمة وقوة كل مملكة.
وإنا لنعجب كيف أن شريعة البوذيين تناهت في هذا الأمر حتى أقامت مستشفيات للحيوانات، وشرائع الأمم المتمدنة لا تزال مقصرة به حتى في حق أبناء جنسهم. فقل للذي يتباهى ببناء حائط في كنيسة أو زاوية في مسجد أو بإقامة وليمة لأمير - والله غني عنه، والأمير كذلك - إن كان يقصد بعمله هذا فخرا، فبناء المستشفيات فيه فخر عظيم، وإن كان يقصد به أجرا فأجره من ذلك أعظم؛ فقد اتفقت الشرائع المنزلة على أن علم الأبدان مقدم على علم الأديان، فذكر علها تنفع الذكرى.
المقالة الثالثة والأربعون
كتابنا
1
يستغرب الباحث في طبائع العمران ما وصل إليه أهل المشرق عموما، والذين تجمعنا بهم جامعة الوطن والسياسة خصوصا، من الخمول حتى أصبحوا على عاتق الاجتماع وقرا، لو أطلقت عليهم شريعة النحل لقضي عليهم بالهلاك قتلا؛ لأن النحل الجاني يقتل كل سنة النحل الذي لا يعود له نفع ويعيش على جني غيره، أتغيرت سنن الطبيعة، وضل العلم في تقريره سنن الوراثة؟ أم لسنا نحن نسل أولئك الذين بلغوا في معالم الحضارة القدح المعلى، فنبغ الفينيقيون حتى قبضوا بأيديهم على تجارة العالم، والمصريون حتى صاروا نبراس الأمم، يقصدهم الناس من الأقطار الشاسعة لأخذ العلم والفلسفة عنهم، واستنارت أفكار الفلسطينيين وسكان بادية العرب حتى قام منهم هداة الأفكار، وسنوا الشرائع التي يخضع لها أكثر سكان المعمورة اليوم في معاملاتهم وعباداتهم؟ أو ما هو السبب:
حتى انقضت تلك السنون وأهلها
فكأننا وكأنهم أحلام
Shafi da ba'a sani ba