ومع أن صدور هذا النوع من الأمور كان منافيا لطبعه الغيور، ولأن المؤن والغلال كانت متوفرة فى القلعة، فكان للروس رأس مال الثبات والدوام وباعثا على إظهار وإعلان الشر والفتنة فى خارج القلعة، فلم تكن المؤنة والزاد غير مقدورة وليس فى الإمكان للجنود، فبناء على ذلك لم يعاتب الأمير الشاب المحظوظ الجيش والرعية ولم يحقق معهم، وحملوا أهالى المدينة على دواب الإصطبل والبغال والجمال التابعة للرئاسة الواسعة وعلى خيول جيش الفرسان بأحمالهم وأثقالهم، وساروا فى مقدمة الموكب العالى حتى" شمكور" الواقعة على بعد أربعة فراسخ من مدينة" كنجه"، وتوقف نائب السلطنة فى الخلف مع عدد من جيش النصرة، وأقام تلك الليلة على بعد نصف فرسخ من المدينة. ولما علم الروس عن إقامة الأمير فى تلك الحدود وبتصور المستحيل على أنهم ربما يحركوا حضرته من مكانه بإشارة الغوغاء والاضطرابات وإضرام نيران الحرب، فقد جعلوا ساحة الدنيا منذ أول الليل حتى طلوع الصبح الصادق واضحة كالنهار بسبب كتل النيران المشتعلة من المدافع والبنادق [ص 155].
وتخيل ولى العهد حركاتهم وأفعالهم غير الصائبة من قبيل طنين الذباب. وفى اليوم التالى تحرك من هناك وتشرف بالرحيل إلى منزل" شمكور"، وأعطى لأهالى مدينة كنجه- الذين كانوا قد رحلوا من مساكنهم المعتادة- القسمة والنصيب من النوال والعطاء والمرحمة غير المنقطعة، ونزل بإجلال من ذلك المنزل إلى منزل" زكم".
وفى أثناء القدوم إلى تلك المنطقة، حضر إليها فوج من الروس الذين كانوا قاصدين كنجه بالمؤن الكثيرة لإمداد إيشبخدر، فاعتبر نائب السلطنة قدومهم فوزا عظيما، فكلف المجاهدين بقنصهم وصيدهم، فجمعت تلك المجموعة الجريئة عرباتها ورحلها بسبب مشاهدة تلك الحالة وأقاموا خندقا متينا وحصنا حصينا من أجل حماية أنفسهم وتحصنوا بداخله، وأعد الجنود المسعودون برجا من التراب والأشجار فى مواجهتهم، وقاموا بالحملات والهجمات الشجاعة عليهم، فقتل وسط المعركة اثنين من قوادهم وعدة أشخاص من الجنود، كما أسر القائد الكبير أيضا مع عدة أشخاص منهم.
ولما لم تكن المدفعية فى الركاب المنتسب للنصر التى تدمر تحصينات الخندق ولم يكن لذلك الجمع المتفرق تلك القابلية من أجل إتمام عملهم فيهلكون بعضا من الفدائيين فى أثناء تكرار الهجوم أو يجب أن يحاصرهم موكب كوكب النصرة مع كل ذلك الجمع المزدحم من رجال ونساء كنجه صغيرها وكبيرها لعدة أيام فى صحراء" زكم" وبناء على ذلك وزيادة عن ذلك الذى دون، لم يهتم بالقضاء على الباقين من السيف (الأحياء). وقصد الموكب العالى" آخسقة" القوزاق.
Shafi 198