وفى سنة ألف ومائتين وعشر هجرية، أرسلت جيشا من الروس للهجوم على ممالك إيران وكانت تأمل فى التدخل فى الكرجستان، ونقضت العهد والميثاق، ولأنه كان فى بداية دولة الخاقان المغفور له آقا محمد شاه القاجارى قد صار مرتضى قلى خان- الذى كان أخا لحضرته- متغير الوجه عنه، وخرج من إستراباد وانضم إلى ملكة روسيا، وكان شابا حسن المنظر ومتناسق الأعضاء، فأعجبت ملكة روسيا بشبابه وجماله واعتبرته غنيمة فى أول وصول مقدمه، فدللته بأنواع إعزازها وإكرامها، وبمنحه التاج والحزام والدرر الفضية والذهبية وجعلته قرين حظوظه المتعددة، وفى تلك الأقاليم أمرت مرتضى قلى خان بالبقاء وهيأت له دائما نقص لوازم عيشه، وكانت توكل همتها فى الحصول على مقصودها الأصلى إلى الطائف الحيل، وفى السنة التى أخضع فيها الخاقان المغفور له محمد شاه مدينة تفليس، وصل إلى أركلى خان البأس الوافر من الخاقان ساكن الخلد، وصار حكام داغستان وقراباغ وشيروانات متزلزلين من البأس الشديد للخاقان سعيد الخاطر، فاغتنمت ملكة روسيا الفرصة، وكلفت قائد حربها- الذى فصلت إحدى قدميه فى معركة بطلقة المدفع فوضع له قدم من الذهب عوضا عنها وهو المشهور بقزل إياغ- مع أربعين ألفا من مشاة نيران جهنم المتطاير وعشرين ألف فارس ومدفعية أصوات الرعد المحملة بالنيران عن طريق دربند، وعندما وصل خارج دربند كان يريد أن يدمر أسوار القلعة بضربها بدانات المدفعية، ولأن أساس أسوار القلعة كان محكما مثل بناء عهد أصدقاء ذوى قلب واحد، فقد شيدت من أحجار طويلة وعريضة وصخور ضخمة وصلبة، فلم تثقب بعدة آلاف من دانات المدفعية المحملة بالنيران [ص 106]، وبعد عدة أشهر من الحصار حيث قطع أهالى دربند وشيخ على خان حاكمها الرءوس من جماعة الروس، وزحفوا أجسادهم فى التراب والدم، ولكن المدعو خضر بيك- وهو من غلمان شيخ على خان القدامى وكان يعمل فى خدمة والده- أغمض عينيه عن العيش والملح وحقوق ولى النعمة القديمة، فسعى للخيانة واتحد مع فوج من المتواطئين، وعلى غفلة، وضع مدينة دربند تحت تصرف قزل إياغ- الذى عبر من هناك وصار عازما صحراء مغان، فعزم الخاقان المغفور له محمد شاه القاجارى على صد جيش روسيا بجيشه اللامتناهى، وعند مقربة من أردبيل صار مضربا لخيام دليل الظفر، فأصبح قزل أياغ غريق بحر الاضطراب والحيرة بسبب سماعه خبر النهضة السلطانية وكانت له نية العودة، فأوصلوا إليه الخبر بأن رهبان روح ملكة روسيا قد قرع على سطح هذا الدير الملى ء بالحسرة ناقوس الرحيل، فتصادف هذا الخبر مع ذلك النبأ، وفتح قزل إياغ على عجل راية الرجوع إلى مملكة روسيا وكانت مدة سلطنة كاترين الثانية خمسة وعشرين عاما، وكان لها ولد اسمه" بال"، وعلى الرغم من أن والدته كانت قد أوصت فى وقت وفاتها ألا يجلسوه على العرش بسبب عدم لياقته للسلطنة، ولكن طبقا لدستور روسيا، فإنه بعد خمس سنوات وفترة من سلطنته، خنقه عدة أشخاص من عظماء الروس فى منزله.
وفى سنة ألف ومائتين وستة عشرة هجرية، خلف" ألكسندر باوليتش" أباه" بال" وكان فى العام الرابع والعشرين وقت وفاة والده، وبسبب حسن أخلاقه واستعداده الذاتى، كان جميع الخلق راغبين فيه ومائلين إليه، فأركبوه فى عظمة وشوكة تامتين وحملوه إلى بيت الملك وأجلسوه على العرش وقالوا له: مبارك عليك، والآن هو الملك المستقل لممالك روسيا، وقد أجلس مكان وزراء أبيه- الذين لم يكن الشعب راضيا عنهم- وزراء طيبى المحضر ورجال كرماء الأصل.
Shafi 140