Ma'aikatan Alheri
مآثر الأبرار
Nau'ikan
كذلك المنصور كاد ابني حسن
فظهرا بعد اختفاء المحن قال في (العقد): لما ولي أبو العباس السفاح الخلافة قدم عليه بنو الحسن بن علي بن أبي طالب -عليهم السلام- فأعطاهم الأموال، وقطع لهم القطائع، وقال لعبد الله بن الحسن: احتكم علي، فقال: يا أمير المؤمنين، ألف ألف درهم فإني لم أرها قط، فاستقرضها له من صيرفي وأمر له بها ثم أتي إليه بجواهر مروان فجعل يقلبها وعنده عبد الله بن الحسن؛ فبكى عبد الله، فقال له: ما يبكيك يا أبا محمد؟ فقال : هذا عند بنات مروان وما رأت بنات عمك مثله، فحباه به، ثم أمر الصيرفي أن يبتاعه منه بثمانين ألف درهم، ثم خرج بنو حسن فبعث معهم رجلا من ثقاته، فقال له: قم بإزائهم ولا تأل في إلطافهم، وكلما خلوت معهم فأظهر الميل عنا والتحامل علينا وعلى ناحيتنا، وأنهم أولى بالأمر منا، وأحص[واحفظ] ما يقولون وما يكون منهم، فلما قدم عبد الله بن الحسن ومن معه المدينة اجتمع إليه الفاطميون، فجعل يفرق فيهم الأموال تلك فعظم بها سرورهم، فقال لهم عبد الله بن الحسن: أفرحتم ؟ فقالوا: وما لنا لا نفرح بما كان محجوبا عنا، بأيدي بني مروان، حتى آتا الله لقرابتنا وبني عمنا فأصاروه إلينا، فقال: أفرحتم أن تناولوا هذا بأيدي قوم آخرين؟ فخرج الرجل الذي كان وكله السفاح بأخبارهم، فأخبره بما سمع من قولهم، وأخبر أبو العباس أخاه المنصور فعدوها حنة، ثم مات السفاح، وقام بعده المنصور فبعث بعطاء أهل المدينة، وكتب إلى عامله بها أن أعط الناس في أيديهم، ولا تبعث إلى أحد بعطائه، وتفقد بني هاشم، ومن تخلف منهم ممن حضر، وتحفظ بإبراهيم ومحمد ابني عبد الله، ففعل، وكتب إليه : لم يتخلف أحد من العطاء إلا محمد وإبراهيم فإنهما لم يحضرا، فكتب أبو جعفر إلى أبيهما يسأله عنهما ويأمره بإظهارهما، ويخبره أنه غير عاذره فكتب إليه: أنه لا يدري أين هما؟ ولا أين توجها؟ فلم يلبث المنصور، [وكان قد] أذكى العيون، ووضع الأرصاد حتى جاءه كتاب من بعض ثقاته أن رسولا لعبد الله بن الحسن وولديه خرج بكتب إلى خراسان بالاستدعاء لهم، فأمر أبو جعفر لرسولهم فأتي به وبكتبه، فردها إلى عبد الله بن الحسن [مع الرسول] بطوابعها لم يفتحها وكتب إليه: إني أتيت برسولك، والكتب معه فرددتها إليك بطوابعها كراهة أن أطلع لك منها [على] ما يغير عليك قلبي، فلا تدع إلى التقاطع بعد التواصل، ولا إلى الفرقة بعد الاجتماع، وأظهر لي ابنيك فإنهما يصيران إلى ما تحب من الولاية والقرابة والشرف، فكتب إليه عبد الله يعتذر، ويعلمه أن ذلك فعل عدو يريد تشتيت ما بينهم بعد التئامه، فبينا هو كذلك إذ جاءه كتاب من بعض ثقاته يخبره أن الرسول [لبنيه] خرج بالكتب بأعيانها على طريق البصرة، وأنه نازل على فلان المهلبي، فوضع أبو جعفر عليه رصدة، فأتي به إليه ومعه الكتب، فحبس الرسول، وأمضى الكتب إلى خراسان مع رسول من عنده من ثقاته، فقدم عليه في الجوابات بما يكره واستبان له الأمر، فكتب إلى عبد الله بن الحسن [بن الحسن بن علي -عليهم السلام-] :
Shafi 298