173

قال ابن الحباب: لما كان في الليلة التي يريد فيها ابن زياد أن يواقع ابن الأشتر في صبيحتها خرجت إليه وكان لي صديقا، ومعي رجل من قومي، فسرت في عسكره، وكان عليه قميص هروي وملاة، وهو متوشح بسيفه، وهو يأمر في عسكره وينهى، فالتزمته من ورائه، فو الله ما التفت إلي ولكن قال: من هذا؟ فقلت: عمير بن الحباب، فقال: مرحبا!! كن بهذا الموضع حتى أعود إليك، فقلت لصاحبي: أرأيت أشجع من هذا قط؟ يحضنه رجل من عسكر عدوه ولا يدري من هو، ولا يلتفت إليه، ثم عاد إلي، وقال: ما الخبر؟ فقلت: القوم كثيرة، والرأي أن تناجزهم فإنه لا صبر لهذه العصابة القليلة على مطاولة الجمع الكثير، وإني متحرك عنك بثلث الناس غدا؛ فلما التقوا كانت على أصحاب إبراهيم أول النهار، ثم تراجع الناس آخر النهار، ونكس عمير بن الحباب رايته، ونادى: يا لثارات المرج، وانخزل بالميسرة كلها، ولم يكن فيها إلا قيس، فلم يعصوه واقتتل الناس فانكشف أصحاب ابن زياد، ووضع السيف فيهم، وكان من غرق منهم أكثر ممن قتل، قال ابن الأشتر: ثم ضربت رجلا على شاطئ هذا النهر فشممت في سيفي رائحة المسك، فاطلبوه، وانظروا من هو؟ فأتوا بالنيران فإذا هو عبيد الله بن زياد، فبعث ابن الأشتر برأسه إلى المختار، فجلس بالقصر، وألقيت الرؤوس حوله، فألقاها في المكان الذي وضع رأس الحسين فيه.

قال بعض الرواة: فبينا أنا واقف عند الرؤوس بالكناسة في بعض الأيام، إذ قال الناس: قد جاءت، قد جاءت، فإذا بحية عظيمة تتخلل الرؤوس حتى دخلت في منخري[عبيد الله] بن زياد، وخرجت فغابت ساعة، ثم عادت، ففعلت كذلك ثلاثة أيام، وفي رواية: ففعلت ذلك مرتين أو ثلاثا.

قال الراوي: أخرجه الترمذي، وقال: حسن صحيح.

قلت: ورثي الحسين -عليه السلام- بما لم يرث به [أحد] غيره فيما علمت من الكثرة وفي كل زمان ومكان، وناحت عليه الجن، وذلك مشهور مذكور، أذكر منها ما أنشده الشريف الرضي الموسوي ؛ تبركا بذكر المرثى والمرثي، وتأدية لبعض أجر ذوي القربى، نقلتها من (الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية).

Shafi 266