Ma'aikatan Alheri
مآثر الأبرار
Nau'ikan
قالوا: ولما وصل الحسين -عليه السلام- كربلاء وقف ليختار مكانا لينزل فيه فإذا سواد الخيل قد أقبل كالليل فنزلوا مقابلهم، ومنعوهم الماء ثلاثة أيام، فناداهم بعض عسكر عمر بن سعد: يا حسين، أما تنظر إلى الماء كأنه كبد السماء، والله ما تذوق منه قطرة حتى تموت عطشا، وناداه أيضا عمر بن الحجاج: يا حسين، هذا الماء تلغ منه الكلاب، وتشرب منه خنازير أهل السواد والحمير والذئاب، وما تذوق أنت منه قطرة حتى تذوق الحميم في نار الجحيم، وكان سماع هذا القول على الحسين وأصحابه أشد من منعهم الماء.
قال: فلما اشتد بالحسين وأصحابه العطش؛ بعث إلى عمر بن سعد يطلب الاجتماع به فاجتمع خلوة، فقال له عمر: ما جاء بك؟ فقال: أهل الكوفة.
فقال: أما عرفت ما فعلوا معكم؟ فقال: من خادعنا في الله أنخدعنا، فما ترى دعوني أرجع فأقيم بمكة، أو أذهب إلى بعض الثغور أقيم به، فقال: اكتب إلى ابن زياد بذلك.
فكتب إلى ابن زياد [بما قال] فهم ابن زياد أن يجيبه. فقال شمر بن ذي الجوشن الكلابي: لا تقبل منه حتى يضع يده في يدك، فإنه إن أفلت كان أولى بالقوة منك، وكنت أولى بالضعف منه. قال: نعم.
فكتب إلى ابن سعد: فإني لم أبعثك إلى حسين تمنيه السلامة، وتكون شافعا له عندي، فإن نزل على حكمي ووضع يده في يدي فابعث به إلي وإن أبى فازحف عليه واقتله وأصحابه وأوطء الخيل صدره وظهره، وإن أبيت فاعتزل أمرنا، وسلمه إلى شمر بن ذي الجوشن، فقد أمرناه فيك بأمر، وكتب في أسفل الكتاب:
Shafi 258