Ma'arij al-Qubool bi Sharh Sullam al-Wusool
معارج القبول بشرح سلم الوصول
Editsa
عمر بن محمود أبو عمر
Mai Buga Littafi
دار ابن القيم
Lambar Fassara
الأولى
Shekarar Bugawa
١٤١٠ هـ - ١٩٩٠ م
Inda aka buga
الدمام
Nau'ikan
فِيهِمْ ذَلِكَ وَأَنَّهُمْ يُبْطِنُونَهُ وَلَا يَبُوحُونَ بِهِ، وَقَدْ قَدَّمْنَا عَنْ جَمَاعَةٍ مِنَ السَّلَفِ قَوْلَهُمْ فِي الْجَهْمِيَّةِ: إِنَّمَا يُحَاوِلُونَ أَنْ يَقُولُوا لَيْسَ فِي السَّمَاءِ إِلَهٌ يُعْبَدُ، وَيَقُولُ بَعْضُهُمْ: إِنَّهُمْ يَزْعُمُونَ أَنَّ إِلَهَكَ الَّذِي فِي السَّمَاءِ لَيْسَ بِشَيْءٍ، وَلَكِنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ وَيُظْهِرْهُ إِلَّا ابْنُ سِينَا صَاحِبُ الْإِشَارَاتِ تِلْمِيذُ الْفَارَابِيِّ، وَهُوَ مَنْسُوبٌ إِلَى أَرِسْطُو الْيُونَانِيِّ، وَهُوَ يَرْجِعُ إِلَى مَذْهَبِ الدَّهْرِيَّةِ الطَّبَائِعِيَّةِ فِي الْمَعْنَى، وَهُوَ الَّذِي نَصَرَهُ الْمُلْحِدُ الْكَبِيرُ نَصِيرُ الشِّرْكِ الطَّوَاسِيُّ١ وَأَشْبَاهُهُ، قَبَّحَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى.
الطَّائِفَةُ الثَّانِيَةُ: الْحُلُولِيَّةُ الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّ مَعْبُودَهُمْ فِي كُلِّ مَكَانٍ بِذَاتِهِ وَيُنَزِّهُونَهُ عَنِ اسْتِوَائِهِ عَلَى عَرْشِهِ وَعُلُوِّهِ عَلَى خَلْقِهِ، وَلَمْ يَصُونُوهُ عَنْ أَقْبَحِ الْأَمَاكِنِ وَأَقْذَرِهَا، وَهَؤُلَاءِ هُمْ قُدَمَاءُ الْجَهْمِيَّةِ الَّذِينَ تَصَدَّى لِلرَّدِّ عَلَيْهِمْ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ كَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرِهِ، وَلِهَذَا قَالَ جَهْمُ بْنُ صَفْوَانَ لَمَّا نَاظَرَهُ السُّمَنِيَّةُ فِي رَبِّهِ وَحَارَ فِي ذَلِكَ فَفَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ فَقَالَ: هُوَ هَذَا الْهَوَاءُ الَّذِي هُوَ فِي كُلِّ مَكَانِ، وَكَذَلِكَ كَانَ يَقُولُ كَثِيرٌ مِنْ أَتْبَاعِهِ، وَلَمْ يَكُنْ وَلَا هُمْ يُرِيدُونَ ذَلِكَ وَإِنَّمَا كَانُوا يَتَوَسَّلُونَ بِهِ إِلَى السَّلْبِ الْمَحْضِ وَالتَّعْطِيلِ الصِّرْفِ كَمَا فَهِمَهُ مِنْهُمْ أَئِمَّةُ الْإِسْلَامِ ﵏ كُلَّمَا أَفْصَحُوا بِهِ مِنْ نَفْيِ أَسْمَاءِ الْبَارِي وَصِفَاتِهِ وَكَلَامِهِ وَرُؤْيَتِهِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَفْعَالِهِ وَحِكْمَتِهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ حِكَايَتُهُ عَنْهُمْ قَرِيبًا وَرَدُّ شُبُهَاتِهِمُ الدَّاحِضَةِ.
الطَّائِفَةُ الثَّالِثَةُ: الِاتِّحَادِيَّةُ وَهُمُ الْقَائِلُونَ: إِنَّ الْوُجُودَ بِأَسْرِهِ هُوَ الْحَقُّ، وَأَنَّ الْكَثْرَةَ وَهَمٌ، بَلْ جَمِيعُ الْأَضْدَادِ الْمُتَقَابِلَةِ وَالْأَشْيَاءِ الْمُتَعَارِضَةِ الْكُلُّ شَيْءٌ وَاحِدٌ هُوَ مَعْبُودُهُمْ فِي زَعْمِهِمْ، وَهُمْ طَائِفَةُ ابْنِ عَرَبِيٍّ الطَّائِيِّ صَاحِبِ الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ وَفُصُوصِ الْحِكَمِ وَغَيْرِهِمَا مِمَّا حَرَّفَ فِيهِ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَتَلَاعَبَ فِيهِ بِمَعَانِي الْآيَاتِ، وَأَتَى بِكُفْرٍ لَا يُشْبِهُ كُفْرَ الْيَهُودِ الَّذِينَ قَالُوا عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ، وَلَا النَّصَارَى الَّذِينَ قَالُوا الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ، وَقَالُوا هُوَ اللَّهُ وَقَالُوا ثَالِثُ ثَلَاثَةٍ، فَإِنَّ النَّصَارَى وَأَشْبَاهَهُمْ خَصُّوا الْحُلُولَ وَالِاتِّحَادَ بِشَخْصٍ مُعَيَّنٍ وَهَؤُلَاءِ جَعَلُوا الْوُجُودَ بِأَسْرِهِ عَلَى اخْتِلَافِ أَنْوَاعِهِ وَتَقَابُلِ أَضْدَادِهِ مِمَّا لَا يَسُوغُ التَّلَفُّظُ بِحِكَايَتِهِ هُوَ الْمَعْبُودُ،
١ إمام أهل الرفض وزير التتار في دمار بغداد وقتل المسلمين، عامله الله بما يستحق.
1 / 370